بانتهاء شهر رمضان، يجب الانتهاء بـما يسمى زورا “الجهاد”
وموجات العنف في أورلاندو واسطنبول وبنغلاديش، ومؤخرا في المملكة العربية السعودية هي نتائج مباشرة لفكرة مخيفة وغازية تقدم صورة محرفة من الإسلام. عناصرها يجردون عمليا الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من أطرها الرئيسية في محاولة عبثية وغير شرعية لتبرير القتل والغزو والقهر.
وهذا ليس هو الإسلام
منذ اليوم الأول، عندما دعا سيدنا محمد الى طاعة الله الواحد الأحد، وهو طريق الفلاح للناس. قال الله تعالى في القرآن الكريم أن النبي جاء لـ “يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ”. وقبل ذلك، كان يسوع المسيح قد قال: أحبوا بعضكم بعضا مثلما يحبكم الرب.” وقبله، دعا موسى النبي الناس إلى الدين الذي يعتبر البشر كجزء من عائلة واحدة، واصفا مختلف الشعوب والأعراق والقبائل بأنها فروع من أصل واحد.
لذلك، كلنا ، بصفة أبناء إبراهيم، إخوة وأخوات. ما هو أساسي في العلاقات بين البشر ليس الانتقام والاستبداد والاستغلال، وانما الحرية والرحمة والوحدة.
للأسف، وقد فسر الحكام والقوات الغاشمة، الآيات القرآنية على مر الزمن وفقا للمدارس الفكرية الأكثر رجعية. في سياق هذا الصراع، ظهرت قرائتين على طرفي النقيض من الإسلام. ويستند واحد على الطغيان. والآخر على الحرية.
من الملالي الحاكمين في طهران، إلى حزب الله اللبناني، وبوكو حرام وداعش، الكل يعرضون هذا الانحراف بقرائتهم القائمة على الفكر الاستغلالي والاستبدادي. ولكن يحتاج المرء أن يراجع فقط القرآن ليدرك أنه يقف في تناقض صارخ ضد حقيقة الإسلام.
حقيقة الإسلام
ما يسميه المتطرفون “الجهاد” اليوم ليس شيئا آخر غير الإرهاب الهائل والوحشية. معنى الجهاد في القرآن هو الانتفاض ضد الظلم والجور، وهو الأمر الذي دخل حتى في نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. القرآن يعطي الإذن للجهاد فقط لأولئك الذين يواجهون الظلم، وهم يقتلون أو المهاجرين من بلادهم قسرا. ومن المفارقات أن المسلمين الذين يعارضون حكم رجال الدين أو الخلفاء، وكذلك غير المسلمين الذين يرفضون الاستسلام لهم، هم يشكلون الضحايا الرئيسيين لهذا المسمى زورا “الجهاد”.
كما يروج المتطرفون عدم المساواة الوحشية والعنف ضد المرأة، وحرمانها من حقوقها الأساسية، ويمنعونها من تولي أدوار قيادية، ويقمعونها ويعتبرونها كمواطنين من الدرجة الثانية. ولكن الإسلام لعبت دورا رياديا في فتح مسار الحرية والمساواة للنساء. منذ الأيام الأولى، اكتسبت مئات من النساء درجات رفيعة وبايعن النبي وتولين مسؤوليات في المسائل السياسية والاجتماعية والعسكرية.
سمة مرعبة أخرى من المتطرفين هي محاولة لتشويه المبادئ الأخلاقية والإنسانية والإسلامية وهي تسعى من أجل كسب السلطة. خميني وقبل أن يمسك السلطة في ايران، أجاز في كتابه تحت عنوان “الحكومة الإسلامية” القتل الجماعي أو اقتلاع العديد من الطوائف المفسدة التي تضر المجتمع”من أجل ضمان بقاء الدولة على حد تعبيره.
يا ترى ألم تأت الأديان السماوية من أجل الزام البشر بالقواعد الأخلاقية والمبادئ الإنسانية؟ ألم تهدف الوصايا العشر لموسى أو كل ما قاله يسوع المسيح وسيدنا محمد إلى احتواء النزعات العدوانية، والجشع والاضطهاد لدى البشر من أجل فتح الطريق نحو الحرية؟
من دواعي الأسف والحزن العميق أن المتطرفين من جميع المشارب يصورون أنفسهم كمدافعين عن المعايير الإسلامية والأخلاقية. من أجل تنفيذ أعمال العنف غير المبرر، يصفونها زورا باسم “العقوبات الإسلامية،” وكم عملوا في بتر الآطراف واقتلاع العيون ورجم النساء حتى الموت بوحشية لا توصف.
ولا أحد داس على الشريعة الالهية و الإسلامية أكثر من هذه الزمرة. كما يقول القرآن، ” وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ”(القرآن سورة البقرة: 204-205).
روح البر والخير
هذه هي الحياة التي يجب على الأتباع الحقيقيين للاسلام الوقوف عليها ضد الانحرافات من إيمانهم. وهناك العديد من المجموعات التي تسعى للقيام بذلك، وواحدة منها هي مجاهدي خلق المكون الرئيسي للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية. فهذه المنظمة و منذ تأسيسها في عام 1965، عملت على جهد نظري لفهم حقيقة الإسلام ونبذ القراءات العقائدية الجزمية من القرآن الكريم. ونجحت منظمة مجاهدي خلق في ترويج الرؤى الاسلامية الرصينة في المجتمع الإيراني بشأن الحرية وحقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الأقليات العرقية والدينية وغيرها من المسائل.
المسلمون في جميع أنحاء العالم يجب أن يتوحدوا معا لنبذ الطائفية والصراعات الدينية. يجب أن نعلن أن الصراع ليس بين الشيعة والسنة، والمسلمين والمسيحيين، أو الشعب والثقافة في الشرق الأوسط ضد الشعب وثقافة الغرب. وبدلا من ذلك، الصراع الرئيسي هو بين الاستبداد والتطرف من جهة، والديمقراطية والحرية من جهة أخرى. وفي نهاية شهر رمضان يجب علينا ألا نسمح لمغادرة روح وجوهر البر والخير من مجتمعنا.
السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الايرانية