رسالة مريم رجوي بمناسبة وفاة الأسقف جاك غايو
كان الأسقف غايو أخًا لنا ولشعبنا المظلوم
توفي القس الفرنسي البارز الأسقف جاك غايو يوم الأربعاء 12 أبريل بسبب إصابته بسرطان البنكرياس عن عمر يناهز 87 عامًا.
عُرف الأسقف غايو بأنه كاهن منتقد وتقدمي في فرنسا. كان أسقف مدينة أوفير في فرنسا لمدة 13 عامًا. بعد ذلك، وبسبب مواقفه التقدمية، أصبح أسقفًا لبارثينيا، وهي مكان في إفريقيا. حوّل مكانه الجديد إلى كنيسة للمحرومين والمشردين. ومن هنا أصبح وجهاً مشهوراً بين الناس. كان الأسقف جاك غايو من الحماة والمدافعين الأوفياء عن المقاومة الإيرانية.
كان بالنسبة لي وللمقاومة الإيرانية، أخا حنونا في المصاعب، وكان من أوائل الأشخاص الذين وقفوا إلى جانبنا وعزوا الجميع بابتسامته المستمرة ونظراته العميقة وكلماته التي كانت دائمًا قصيرة ولكن ذات معنى.
كان رمزًا لأخوة الأديان والقيم الإنسانية بالمعنى العملي للكلمة. إن إيمانه العميق بمسؤولية الإنسان تجاه الوجود جعله مقاوماً ومتمردًا على الظلم، وفي هذا الصدد كان في جبهة طالبي العدالة التي تفتخر المقاومة الإيرانية أيضًا بكونها عضوًا فيها.
في إحدى رسائله التي وجهها إليّ، كتب بخصوص يقينه من انتصار الشعب الإيراني “ما زالت هناك معارك باقية، لكن شعلة الأمل متقدة”.
بعد آبي بيير، كان جاك غايو من أشهر القساوسة في فرنسا، ومثل آبه بيير، اعتبر أن مهمته دعم وحماية أعضاء المقاومة الإيرانية والدفاع عن مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية.
ولد في 11 سبتمبر 1935 في سان ديزييه بفرنسا. تخرج في اللاهوت وأصبح قسّيسا في مارس 1961.
في عام 1987، عندما قامت الحكومة الفرنسية بترحيل اللاجئين السياسيين الإيرانيين بشكل غير قانوني إلى الغابون في صفقة مع ديكتاتورية الملالي، كان جاك غايو من أوائل الأشخاص، الذين حضروا مع دانيال ميتران عند المضربين عن الطعام في مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للاحتجاج والمطالبة بعودة المنفيين إلى فرنسا.
هذه الصداقة مع المقاومة الإيرانية لم تنقطع قط. عندما اعتقلت الحكومة الفرنسية في حينها، مرة أخرى في 17 يونيو 2003، لاجئين إيرانيين وأعضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في تواطؤ مع نظام الملالي، كان الأسقف جاك غايو مرة أخرى من أوائل الذين أتوا إلى أوفيرسوراواز ودافع عن المقاومة الإيرانية.
ثم انخرط بشكل كامل في حماية عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في مدينة أشرف ومخيم ليبرتي في العراق، الذين تعرضوا لمجازر متتالية على يد قوات نظام الملالي ومرتزقته العراقيين وقام بشكل نشط بأعمال توعوية.
كما أصبح داعماً فاعلاً للمعركة القضائية والسياسية التي نجحت في إزالة اسم مجاهدي خلق من القائمة السوداء الأوروبية.
في عام 2015، وبعد زيارة الفاتيكان واللقاء بالبابا فرانسيس، سجل رسالة فيديو
بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، قال فيها: “أصدقائي، في هذه اليوبيل الذهبي للمقاومة الإيرانية، لدي رسالة وأنا شغوف بها: قفوا حتى النهاية. أنتم تعلمون أنه عندما تخوضون مقاومة، فإن ما يلفت النظر هو المثابرة والصمود فيها. عندما أرى بعد 50 عامًا إيرانيين لا يزالون يقاومون، فهذا رائع!”
وأضاف في الرسالة: ” رغم كل المشاكل، آمل أن تنتصر المقاومة حتى لو لم أر ذلك اليوم. سيكون هناك من سيرى ذلك”.
وكان غاضبًا جدًا من مواقف أصحاب السلطة وخاصة صمت الإعلام تجاه جرائم النظام الإيراني وجهود المقاومة الإيرانية.
وبشأن مجزرة 1988 قال في مراسيم عام 2018، قال: “هذه المجزرة الوحشية التي راح ضحيتها آلاف السجناء السياسيين الشباب هي جريمة ضد الإنسانية ستسجل في التاريخ. ولا يمكن إخفاء مثل هذه المأساة ولا يمكن أن تمر دون التحقيق فيها”. وتابع: “أولئك المسؤولون عن قتل هذا العدد الكبير من الشهداء، وكذلك قتل سكان أشرف، نسوا بلا شك أن الشهداء هم بذور الحياة، وبذور التمرد، ونسوا أن موتهم لن تكون عديمة الفائدة. واليوم نتشجع على نور هؤلاء الشهداء ونواصل النضال”.
عندما التقيت به في 5 مايو / أيار 2017، لأهنئ البابا فرنسيس ومفتي الأزهر في القاهرة على التضامن بين المسلمين والمسيحيين، اللذين دعوا جميع أتباع الديانات المختلفة إلى التضامن ضد التطرف والإرهاب، قال الأسقف غايو: “الإسلام دين التآخي”. لقد فهم وجهة نظرنا التي أسماها “إسلام ديمقراطي متسامح يختلف عما يروج له المتطرفون تحت اسم الإسلام”. وتوقع قائلا “أعتقد أن إيران الحرة التي ستحرر من قبضة المتطرفين الدينيين ستلعب دورا حاسما في إنهاء النزعة التطرفية الدينية وتعزيز السلام والأخوة في المنطقة والعالم”.
هو الذي أحب مجاهدي خلق ودافع عنهم لسنوات، سارع أخيرًا للقاء مجاهدي خلق في ألبانيا في يوليو 2016.
وقال في 15 ديسمبر 2018 خلال مؤتمر دولي في مقر المقاومة الإيرانية: “عندما أكون بينكم أشعر كأنني في عائلتي. لدي نفس الشعور بين أشرف 3 ولا أستطيع أن أنسى ذكرى لقائهم قبل بضع سنوات”.
ولا تزال كلماته حية في الذاكرة في 2018 عندما قال: “في الوقت الحاضر نهض شعب، بما في ذلك جيل شاب، للإطاحة بالنظام الذي يخاف منهم. لا يمكن وقف مصير شعب. الشهداء زرعوا في الدموع ونحصد ما زرعوه نحن في الفرح”.
- الوسوم:المقاومة الايرانية