مريم رجوي في أمسية تضامن الأديان ضد التطرف
بمناسبة شهر رمضان المبارك اقيمت يوم السبت 3 حزيران/يونيو 2017 أمسية تحت عنوان «تضامن الأديان ضد التطرف» بحضور مريم رجوي وشخصيات من دول عربية ومسلمي فرنسا في اوفيرسوراواز.
وفي البداية، زار المشاركون معرضًا اقيم تحت عنوان «أعمال القتل والمجازر من إيران إلى سوريا» ضم صورًا من شهداء الثورتين الإيرانية والسورية وكذلك مظاهرات الشعب السوري ضد النظام الأسدي.
وخاطبت مريم رجوي المشاركين في الأمسية وقالت في كلمة:
أيها الحضور الكرام،
أيتها الأخوات وأيها الأخوة الذين تحملتم عناء القدوم من فلسطين وسوريا واليمن و… إلى أمسية المقاومة الإيرانية في هذا الشهر الفضيل، وكذلك الأخوة الذين قدموا من مختلف أرجاء فرنسا إلى هنا!
رمضان مبارك!
أهنئ أبناء وطني في ايران وجميع الشعوب الجارة والشقيقة وشعوب المنطقة وكذلك المسلمين في فرنسا وكل العالم بهذا الشهر المبارك.
يصادف العاشر من شهر رمضان وفاة السيدة خديجة الكبرى (سلام الله عليها) زوجة النبي الكريم وأول من اعتنقت الإسلام والداعمة الكبيرة للرسول الأعظم (ص) حيث وصفها النبي محمد بأنها «موهبة الهية».
السلام والتحية العطرة لها التي هي الانموذج الخالد لكل النساء الحرائر والرائدات لكل العصور. انها الأم العقائدية لجميع المؤمنين والرواد الذين اتبعوا سبيل محمد(ص). ولهذا فان اسمها وذكراها يبقيان مصدر إلهام للتضامن بين جميع المسلمين بأي عقيدة ومذهب كانوا.
شهر رمضان ومثلما جاء وصفه في القرآن الكريم هو شهر التقوى.
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
هو شهر نزول القرآن الذي يهدي الناس وهو بينات من الهدى والفرقان بين الإسلام والإنحراف والرجعية وبين الحرية والإجبار.
الفرق بين سنة الصداقة والمحبة والرحمة التي هي من السيرة المحمدية وبين نهج الدجل المشوب بالكراهية والقهر والقسوة الذي يمثله خميني.
هل رمضان والصوم ينفي أي نوع من الكذب من الرياء؟ أليست رسالته هي السلام والتضامن؟ وألم يكن هدفه مكافحة الفقر والاضطهاد؟
إذن ما علاقة ذلك النهج القائم على الكذب وجلد الناس وتكبيلهم بالفقر والحرمان بالإسلام؟
شهر رمضان هو شهر هدي الجميع نحو الوئام والألفة بين القلوب. إنه يعطي الدفء في المجتمع البشري ويهدي باتجاه التضامن ومنبع الهام للوفاق والمواءمة حول الاشتراكات ونقاط الوحدة.
بهذا الادراك، إذا سالت دموعنا على ما تشهده الدول وشعوبنا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا من اضطرابات وانفراط ، فلا ضير لنا. لما يمر في سوريا الجريحة والعراق المحتل واليمن الغارق في الحرب والدول التي طالتها يد الارهاب والتطرف.
ولهذا السبب أستأذنكم لكي أدعو جميع الشعوب المسلمة من كل المذاهب السنية والشيعية إلى التعاضد والتكاتف للتصدي لاولئك الذين خلقوا هذه الأوضاع المأساوية. دعوتنا إلى تضامن قائم على أسس رصينة تجمع عليها الغالبية العظمى من المسلمين. وهذه الأسس تتبلور من الناحية العقائدية في رفض الإجبار الديني والدين القسري وهو نابع من جوهر حقيقة الإسلام.
ومن الناحية السياسية، تتمثل في الوقوف بوجه ولاية الفقيه الحاكمة في إيران أي العدو المشترك لكل شعوب المنطقة، وهي بؤرة تأجيج نيران الحروب وتصدير التطرف إلى دول المنطقة.
نعم، هذا هو حبلنا وكلمة وحدتنا. رفض الإجبار الديني والوقوف بوجه نظام ولاية الفقيه.
طبعا نحن لا نقصد تجاهل الفروقات الواقعية بين شعوبنا في المنطقة. ولكن مع كل هذه الفروقات، كلنا نتفق على وحدة كلمتنا بأن ممارسة القهر لفرض العقيدة والدين، لا مكانة له في الإسلام. وعندما يتم نفي الإجبار والفرض والحقد، فتصبح الفرصة سانحة لنشر روح الأخوّة التي هي الضمير الجماعي والتاريخي لكل شعوبنا.
نحن وجميع شعوب هذه المنطقة نعتبر أنفسنا أخوة بعضنا للبعض ونتبع كلام الله في القرآن.
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ.
الإسلام في منبعه هو حامل رآية قضية الأخوّة في العالم البشري. أليس الرسول الأعظم قد أزال الحسد والحقد من قلوب الناس؟ ألم يجعل من الناس الذين كانوا متعطشين بدماء بعضهم بعضا أخوة رحماء بينهم؟
إنه قدم للناس دين الخلاص والرحمة والعفو، دين التسامح والاحسان، دين التآلف بين القلوب، دين التضامن بين الأخوة. ولا الطائفية والتعصب وضيق النظر ولا الفرض والإجبار بحجة الدفاع عن الإسلام.
وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
إن إحدى الآليات المهمة للإجبار وفرض الدين هو التكفير. إنها آلية لرفض المعارضين، وللإستئثار ولفرض السلطة الإستبدادية المغطاة برداء الإسلام. وبدأ خميني الدجال حكمه لابادة السجناء السياسيين في مجزرة العام 1988 بتكفير مجاهدي خلق.
لنتذكر أن النبي محمد (ص) كان يقول: « إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا ، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» وكان يوصي لحب الجار مثلما يحب لنفسه والكف عن الأذى والسب والتعامل السوء معه.
ونتذكر أنه كلف الناس التعايش السلمي مع أصحاب العقائد والديانات المختلفة وعلّم المؤمنين بأن يكونوا رحماء بينهم على اختلافهم.
ويشهد التاريخ على أنه ولو تعرض النبي في مسقط رأسه مكة للاضطهاد وسوء المعاملة، الا أنه عندما وصل إلى المدينة كان رسول السلام والتآخي وعندما عاد إلى مكة كان رسول العفو والرحمة.
الإسلام هو يدافع عن المروءة والتسامح. التسامح تجاه أتباع الديانات الآخرى وتجاه سائر أبناء البشر ولارساء ركائز التعايش السلمي بين بني نوع الانسان مهما كان عرقه وجنسه وعقيدته ودينه.
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إلى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
وعلى هذا الأساس نقول إن الصراع ليس بين الشيعة والسنة ولا بين المسلمين والمسيحيين، ولا بين الناس والثقافة في الشرق الأوسط مع من يعيش في الغرب وثقافته. وليس الصراع بين الحضارات. وانما الصراع الرئيسي بين الإستبداد والتطرف من جهة وبين الديمقراطية والحرية والشعب الذي يطلب الحرية والتقدم.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
إن رفض أيِّ نوع من الإجبار والإكراه في الدين، يفتح الطريق أمام مبدأ الفصل بين الدين والدولة ولا يُبقي مجالًا للإستبداد باسم الله والتمييز الديني.
الإسلام وحسب تعبير قائد المقاومة مسعود رجوي: «غني عن أن يكرس أي نوع من الأحقية والمشروعية ومنها مشروعيته السياسية عن طريق الإجبار والاكراه… اننا نؤمن كامل الايمان بأن الإزدهار الحقيقي للإسلام يتيسّر في عدم استخدام أي تمييز وامتياز وإجبار سياسي واجتماعي».
ومثلما جاء في مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ان السلطة الحاكمة تستمد مشروعيتها من صناديق الاقتراع ولايُمنح لأي شخص أي امتياز أو يُحرم منه لاعتقاده بدين من عدمه. كما أن المشروع يكفل ضمان الحرية للاديان أي إن المسلمين أو أتباع سائر الديانات أحرار في نشاطاتهم الدينية بعيدا عن أي عدم المساواة. وقال الرسول (ص) في وثيقة المدينة التي أصدرها في الشهر الحادي عشر بعد الهجرة إلى المدينة: «وَإِنّ يَهُودَ بَنِي عَوْفٍ أُمّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ».
ما نقوله نحن هو إبطال الإستبداد الديني المتستر بالدين. ان كلامنا هو خلاصة تجربة تاريخية كبيرة أي تجربة هزيمة الدكتاتورية الدينية في إيران.
نعم، نحن نستطيع أن نتفق على مبدأ أساسي وهو ما نسجت منه لحمة الإسلام وهو رفض الإجبار الديني. أي مبدأ لا إكراه في الدين.
إذن وبخلاف شعار «حزب فقط حزب الله» الذي يرفعه أتباع خميني في إيران؛ وبخلاف أخلافهم من الدواعش الذين يقولون«ان الشريعة الالهية لا يتم تطبيقها الا بقوة السلاح» فنحن نقول:
لا، هذا ليس إسلاما، كل ما كان قائما على الإجبار والاكراه، فهو مغاير لجوهر الدين. ان ديننا وإسلامنا هو ما قاله القرآن الكريم: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ .
إن روح الإسلام براء من أي نوع من الإجبار والإكراه والحظر المفروض. من الحجاب القسري وإلى إجبار الناس على الصوم والصلاة بالجلد والترويع وإلى منع إنشاء مساجد لأهل السنة لاسيما في الحكومة المفروضة وباستغلال اسم الله وعنوان الإسلام.
لذلك اني أدعو جميع المسلمين إلى الوحدة والتضامن بشأن هذا المبدأ. مبدأ رفض الدين القسري والإجبار الديني.
أيها الحضور المحترمون،
إن أحداث السنوات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، لاسيما ابادة ما لايقل عن نصف مليون من الشعب السوري المظلوم التي كان نظام ولاية الفقيه وقوات الحرس ضالعين فيها، تثبت عداء دائميا ينصبه الملالي الحاكمون في إيران للشعوب المسلمة والدول العربية.
خلال السنوات الـ38 الماضية ومع أن الملالي الحاكمون عرّفوا أنفسهم أحيانا ومن باب التضليل والخداع، اصلاحيين أو معتدلين، ولكن ما كان ثابتا ولا يتغير من قبل هذا النظام هو ما يجري في داخل البلاد من انتهاك لحقوق الانسان والكبت الوحشي وعلى الصعيد الاقليمي هو التسلط والاحتلال واشاعة الرجعية والطائفية تحت اسم الإسلام.
قبل اسبوعين أعلنت القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض أن نظام الملالي هو عامل زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم وأن ممارساته في المنطقة والعالم مدمرة وأن قادة العربية السعودية والولايات المتحدة أكدوا أن الشعب الإيراني هو أول ضحية لهذا النظام.
ومن دواعي السرور أن العالم العربي والعالم الإسلامي والولايات المتحدة قد وضعوا أصابعهم أخيرا على منبع الإرهاب وتأجيج الحروب والتطرف في المنطقة أي نظام ولاية الفقيه. فهذا التصويب الصحيح من شأنه أن يوقف تحركات النظام لاثارة الحروب وسفك الدماء.
إن التجارب الطويلة أكدت أولا أن النزعة التوسعية والاحتلال هي من طبيعة نظام ولاية الفقيه الدائمة ولا يمكن الحفاظ على حكمه بدونها. لذلك لا ينتزع منها بمحض ارادته.
ثانيا، هذا النظام يشعر بكون قوة الشعب والمقاومة الإيرانية هما الخطر الأكبر وبالفعل على كيانه. لذلك يبذل قصارى جهده للحؤول دون تفعيلها وخروجها إلى الساحة.
كما ان سجل هذا النظام قد أثبت معاداته الثابتة لدول المنطقة.
وقبل اسبوعين، وصل الملا روحاني إلى كرسي الرئاسة في نظام ولاية الفقيه لولاية ثانية. إنه يقدم نفسه رجلًا معتدلًا من باب المخادعة والتضليل. فيما نرى أن سياسة النظام السلطوية والاحتلالية في المنطقة استمرت سواء في السنوات الأربع الماضية أو في العهود التي كان الزاعمون بالإصلاحية والاعتدال على رأس الحكومة أي عهدي رفسنجاني وخاتمي. كما إن هذه السياسة ستستمر على مدى السنوات الأربع المقبلة. والفرق الوحيد أن الإنتخابات المزيفة تسببت في تعاظم الهوة وتفاقم الأزمة في قمة النظام والصراع على السلطة في داخل النظام وجعل الطريق ممهدا أكثر لاسقاطه.
وهناك البعض ممن تأثروا بمحاولات الملالي الحاكمين التضليلية المستمرة يظنون أن اعتماد نظام ولاية الفقيه أعمال القتل والحرب في المنطقة ناجم عن قدرة هذا النظام. بينما هو لجأ إلى الإستبداد الهمجي في داخل إيران وتصدير الحرب إلى خارج الحدود، لأنه مُحاصَر من قبل شعب مستعد للإنتفاضة. اثارة الحروب في المنطقة تأتي من أجل حفظ الإستبداد المترنح في الداخل. وإذا حوصر الملالي داخل حدودهم، فينجر أمرهم إلى السقوط.
إن الإنتخابات الصورية التي جرت قبل اسبوعين، خير دليل على عدم استقرار النظام ووهن حكم الملالي. ان الولي الفقيه الرجعي وخوفا من الإنتفاضة العارمة قد مني بالفشل في توحيد أركان حكمه. بينما كان بحاجة ماسة اليه. وبالنتيجة فان مسرحية الإنتخابات التي كان من المفترض أن ترتب الأوضاع للنظام، قد أغرقت الحكم بأكمله في بحر من أزمات الفرقة وإصابته بالشلل.
وخلال ما يسمى بالإنتخابات هذه، اهتاجت مشاعر الناس بشأن مجزرة السجناء المجاهدين بفعل ترشح أحد أبغض الجلادين في هذه المجزرة، وأدخلت ارادة الشعب والمقاومة الإيرانية بصفتها القوة الحاسمة في الساحة وجعلت النظام يبوء بالفشل. الواقع أن الملالي ومن خلال التلاعب بالأرقام وبفعل ضرب ما حصلوا عليه من أرقام في مسرحية الإنتخابات التي أجروها بين عصاباتهم في نسبة معينة، يحاولون على الظاهر أن يحتفظوا بنظامهم المتهرئ. ولكن حكومتهم غارقة بالكامل في الأزمات وأن فرصة الاسقاط متواتية أكثر من أي وقت آخر.
وعلى هذا الأساس اني أقترح باسم الشعب والمقاومة الإيرانية، مبادرة ثلاثية أوجه وأدعو جميع دول وبلدان المنطقة إلى دعم هذا الحل:
أولا: اعلان قوات الحرس التي هي الذراع الرئيسي لتنفيذ سياسات نظام الملالي في المنطقة رسميا كيانا إرهابيا. لا يجوز حضور هذه القوة الاجرامية و ميليشياتها المؤتمرة بامرتها في أراضي دول المنطقة ويجب طردهم جميعا.
ثانيا: أن يطرد مؤتمر الدول الإسلامية نظام ولاية الفقيه من المنظمة وأن يحيل كرسي إيران إلى مقاومة الشعب الإيراني.
ثالثا: أن يعترفوا بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط ولاية الفقيه من العرش ومن أجل إحلال الحرية والديمقراطية.
أيتها الأخوات وأيها الأخوة!
ندعو ونحن على وشك موعد الإفطار من أجل انتصار هذا النضال الذي هو يمثل طموحات كل شعوب المنطقة.
لا شك أن قوة الصمود وقوة التضامن الجبارة بين شعوبنا، ستقرر نهاية عمر نظام ولاية الفقيه وانتصار الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
التحية لجميعكم.
- الوسوم:الإسلام الديمقراطي, التطرف – الإرهاب, سوريا