مريم رجوي: الرد الصحيح والمؤثر على الفاشية الدينية هو الحزم ولا الرضوخ
كلمة في اجتماع مع مجموعة من الشخصيات السياسية والدولية
أيها المشرعون الموقرون، الشخصيات المدافعة عن الحرية
أصدقائنا الكرام
يسعدني جدا اللقاء بكم من جديد. للعامين الماضيين وبسبب جائحة كورونا حرمنا للأسف من اللقاءات الجماعية.
حضوركم في أشرف الثالث، مصدر سرور عمیق للأشرفيين. لأنهم يرون أصدقاءهم في أيام الصعاب. وكانت أياما عصيبة لكننا اجتزنا بمساعدتكم كل الحواجز والعراقيل.
بالطبع زرتم متحف المقاومة الإيرانية. إنه يعكس صورة ولو صغيرة من معاناة وآلام الشعب الإيراني ومقاومته الرائعة التي أسستها منظمة مجاهدي خلق بوجه نظام الملالي.
ثلاث حقائق في المشهد الإيراني
اسمحوا لي أن نلقي نظرة عابرة لواقع المشهد الإيراني خلال هذه الفرصة.
ثلاث حقائق في المشهد الإيراني تعطي صورة واضحة لكل مخاطب.
الأولى تهالک النظام؛ والثانية تواصل الحركات الاحتجاجية في إيران والثالثة دور المقاومة الإيرانية في قيادة الأوضاع نحو إسقاط نظام الملالي.
يحاول الملالي ومن خلال المغامرات والتهديدات والصخب الإعلامي إخفاء خوفهم ورعبهم من البدیل الوحيد ونقطة ضعفهم التي هي وجود مقاومة الشعب الإيراني.
أنتم أصدقاءنا الأعزاء وبوقوفكم بجانب نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية استهدفتم نقطة ضعف النظام الأساسية، أي النقطة المشتركة لمختلف الأفكار والأميال في العالم العربي والعالم الغربي حول التضامن مع نضال الشعب الإيراني وهذا أمر غير مقبول للملالي.
ومؤخرا، أعلن خمسة آلاف من أعضاء وحدات المقاومة داخل إيران استعدادهم لإسقاط النظام من خلال إرسال رسائل مصورة. وكانت كلمتهم المشتركة “يمكن ويجب”. يمكن ويجب إسقاط النظام الديني الاستبدادي.
إنه خطوة كبيرة في استراتيجية المقاومة الإيرانية وهي تعمل على تشكيل قوة منظمة من شباب الانتفاضة حتى تتمكن عبر تركيبها بالانتفاضات الجماهيرية من إزاحة النظام على طريق حرية الشعب الإيراني.
هناك مكوّنات حاسمة في المشهد الإيراني على طور التغيير. أولا المجتمع الإيراني يتحرك على خط إسقاط النظام. والثاني النظام في وضع حرج. خامنئي يواجه اليوم مشكلة ملحّة وهي تساقط وانهيارات في صفوف جهاز قوات الحرس.
خلال الأسابيع الأخيرة تم الکشف عن إقالات عدد من كبار قادة قوات الحرس بينهم قائد الحماية الخاصة لخامنئي ورئيس استخبارات قوات الحرس.
النظام الإيراني في ضعف أم قوة؟
اولئك الذين لا يطّلعون على واقع المشهد الإيراني وحقيقة النظام، يظنون أن الإرهاب المصدّر من قبل النظام واستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ ضد دول الجوار، دليل على قوة النظام. وهذا هو خطأ كبير في فهم الحقائق. القمع في الداخل الإيراني أو إطلاق الصواريخ ونشر الحروب في خارج الحدود الإيرانية يشكل الضروريات الحيوية لمدّ الفاشية الدينية بالنفس. لذلك لو تخلّى يوما واحداً عنها لما بقي على الحياة. شأنه شأن الأفعی التي حتى في لحظة الموت تلدغ. الطريقة الوحيدة لردع النظام هو إبداء الحزم وطبعا العنصر الحاسم هو المقاومة الإيرانية. أصدقاؤنا المجتمعون هنا من الدول العربية والإسلامیة يتذكرون جيدا أن خميني مؤسس هذا النظام كان يخوض حربا مع الدولة الجارة العراق لمدة ثماني سنوات. وكان يقول نواصل الحرب حتى أخر طابوق یبقی من البيوت في طهران. بينما كان في صيف عام 1982 إمکان إنهاء الحرب وتحقيق السلام لكن خميني ونظامه منعا من ذلك. إلى أن أجبره جيش التحرير الوطني الإيراني من خلال عملياته المنتصرة وكذلك الخوف من السقوط على قبول وقف إطلاق النار وقال في حينه: إني أتجرّع كأس سم وقف إطلاق النار. اي تجرع كأس سم وقف إطلاق النار كان لخميني أمرّ من كل شيء لكنه مرغم عليه حسب تصريحه.
أيها الأصدقاء الأعزاء؛ في الوقت الحالي، يمكن رؤية ضعف النظام بوضوح في ساحات مهمة: استمرار الحركات الاحتجاجية، وانتشار شبكة المقاومة وعملياتها في داخل إيران، وعجز الملالي في معالجة المعضلات الاقتصادية والاجتماعية، وتساقط وانهيارات في صفوف قوات الحرس وهزيمة النظام في استمرار مسرحية الإصلاحات المزّيفة.
تهدئة مع وحش الملالي
لهذا السبب بالذات، لم يكن النظام بحاجة إلی مهادنة الغرب كما هو الحال اليوم. حقيقة عندما یقوم بإظهار مخالبه وأسنانه، ويتحدث بخطاب معاد للغرب، بالعکس تماماً یستفید من ذلک لمواصلة أخذ من الامتيازات الأمنية والسياسية والمالية للغرب.
لسوء الحظ، لم تتعلم الحكومات الغربية من التداعيات المأساوية لسیاسة الاسترضاء مع هذا النظام في العقود الثلاثة الماضية. المعاهدة الأخيرة بين الحكومة البلجيكية وسلطة الملالي لتسليم الدبلوماسي الإرهابي [وإفراجه من السجن] رغم إدانته في القضاء البلجيكي مثال على هذه السياسة.
احتج الإيرانيون أنصار المقاومة الإیرانیة في دول مختلفة على هذه الصفقة المشينة مع خلال المظاهرات والتجمعات والاعتصامات.
بالاعتماد علی هذه المواقف وهذا الصمود والإجراءات القانونية للمقاومة الإيرانية تم إیقاف نقل هذا الإرهابي إلى إيران ووضعت المحكمة البلجيكية التحقيق في هذا الموضوع على جدول أعمالها.
خلال العقود الأربعة الماضية، لم تكن هناك حالة من تسليم الإرهابيين المسجونين التابعین للنظام مقابل رهائن غربيين، إلا وأنه عرّضت بعد ذلك حياة المواطنين الغربيين للخطر.
مثال آخر هو المشروع النووي للنظام. إن تاريخ اقتراب الملالي التدريجي بصنع القنبلة الذرية هو بالضبط نفس تاريخ إعطاء الحوافز لهذا النظام. وخلال العامين الماضيين، فإن الحکومات الغربیة لم تحرّک ساکناً في هذا المجال. واستغل النظام هذه الفرصة للوصول إلی القنبلة. بينما کان من شأن سياسة حاسمة إیقافه من التقدم.
مثال آخر هو غض الحكومات الغربية الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
في انتفاضة نوفمبر 2019، بأوامر مباشرة وعلنیة من خامنئي، قتلت قوات الحرس ما لا يقل عن 1500 شاب. لسوء الحظ، ظلّ العالم الغربي صامتًا حيال ذلك. هذا هو نفس الصمت الكارثي الذي التزم به الغرب حیال المجزرة التي راح ضحيتها ثلاثین ألف سجين سياسي في عام 1988. قبل ثلاثة أشهر، کشفت المقاومة الإيرانية عن معلومات ملیونیة حول ما یجري في سجون النظام. أذكر هنا فقرة واحدة فقط من تلك المعلومات: يوجد حاليًا 5370 شخصًا محكوم عليهم بالإعدام والقصاص في سجون النظام. كما حُكم على 51 شخصًا بالرجم وحُكم على 60 مراهقًا دون سن 18 عامًا بالإعدام. وهل التغاضي عن هذه الفظائع الوحشية جدير في العالم البشري في القرن الحاضر؟
الملالي واثقون جدًا من مهادنة الغرب معهم لدرجة أنهم زرعوا عددًا كبيرًا من عملاء وزارة المخابرات وقوة القدس الإرهابية في أوروبا وأمريكا کخلايا نائمة لاستخدامهم وقت الضرورة. هناك کمّ هائل من التقارير الاستخباراتية التي تفید أن النظام الإيراني يشتري المعدّات اللازمة لبرنامجه النووي من الأسواق الأوروبية وکذلك الوسائل لقمع الشعب الإيراني.
جوهر الخلاف هو عندما يستعدّ المجتمع الإيراني لإسقاط النظام، لماذا تضع الحكومات الأوروبية نفسها في جبهة النظام ومقابل جبهة الشعب الإيراني. الموضوع في کلمة واحدة هو أنه يجب وقف مساعدة الملالي لمنع سقوطهم. يجب التخلي عن السياسة التي حالت دون التغيير الديمقراطي في إيران على مدى العقود الثلاثة الماضية.
في الوقت الحالي و أكثر من أي وقت مضى، أصبح واضحاً للجميع أن الشرق الأوسط والعالم العربي والعالم الإسلامي لن یشهد الهدوء، ولن يتمكنوا من إزالة العقبات التي تعترض التنمية السياسية والاقتصادية لبلدانهم، إلا بعد إزالة العقبات أمام الشعب الإیرانی لتغيير النظام وللقضاء علی مركز الإرهاب والتطرّف والطموحات والاضطرابات والزعزعة في المنطقة.
الحلقة المفقودة في السياسة الغربية
نعم، حان الوقت لسياسة جديدة تجاه النظام. الحلقة المفقودة في سياسات الحكومات الأوروبية والأمريكية هو إهمال الشعب الإيراني وخاصة مقاومته المنظمة، السیاسة التي بالفعل کانت في خدمة نظام الملالي. يجب على الحکومات الأوربیة والأمریکیة الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني ومطالبه وهذا هو يصب في صالح السلام والأمن لكل العالم.
ما هو متوقع من الحكومات الأوروبية ومن الاتحاد الأوروبي إجراءات محدّدة.
– تصنیف وزارة المخابرات وقوات الحرس الإيراني بکاملهما فی قائمة الإرهاب
– طرد عملاء المخابرات وقوات الحرس الإيراني من الأراضي الأوروبية وسحب اللجوء والمواطنة منهم
– إحالة ملفّات الإرهاب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية من قبل النظام الإيراني إلى مجلس الأمن وملاحقة ومحاكمة خامنئي ورئيسي وغيرهما من قادة النظام.
– اشتراط العلاقات السياسية والاقتصادية مع النظام بوقف تنفيذ الإرهاب وتصديره
– والاعتراف بکفاح وحدات المقاومة ضدّ قوات الحرس الإرهابیة من أجل إسقاط الاستبداد الدیني.
وقال قائد المقاومة الإيرانية مسعود رجوي: إسقاط وتغيير النظام هو من واجبنا وعملنا وعلى عاتقنا وعلى عاتق أبناء شعبنا والطلائع الثورية للشعب.
إن المقاومة الإيرانية والبديل الديمقراطي المتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يؤمن بجمهورية ديمقراطية والمساواة بين المرأة والرجل وفصل الدين عن الدولة ويحمل راية العلاقات العادلة القائمة على أساس احترام الاستقلال والسيادة الوطنية والتعايش السلمي مع دول الجوار وكل العالم.
بالتأكيد نجدکم إلى جانبنا في كفاح التحرير أي في جانب المقاومة وفي جانب الشعب الإيراني هذا كما هو الحال دائمًا.
شكرا لكم جميعا