المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
في 21تموز/يوليو 1981 المصادف لذكرى انتفاضة الشعب الإيراني في تأیید الدكتور محمد مصدق، وبعد شهر من بدء الإعدامات الجماعية للمعارضين، أعلن السيد مسعود رجوي زعيم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في طهران عن تأسيس المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة لتنضوي تحته كافة القوى الديمقراطية المعارضة لنظام ولاية الفقيه بهدف إسقاط النظام وتحقيق الديمقراطية في إيران.
وبعد عشرة أيام غادر السيد رجوي، بصفته رئيس المجلس، طهران إلى باريس. وأصبح مقر إقامته في اوفيرسوراواز شمالي باريس محط اهتمام ومراجعة المراسلين والمسؤولين السياسيين الفرنسيين والمسؤولين من دول أخرى.
وفي النصف الثاني من عام 1360 الإيراني (23 سبتمر1981- 22 مارس1982) أعدّ وأصدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية خلال اجتماعات مكثفة، برنامجه والنظام الداخلي للمجلس وكذلك المهام الملحة للحكومة المؤقتة. كما تبنى النظام الداخلي للمجلس. وقرّر المجلس أن أمام الحكومة المؤقتة مدة أقصاها ستة أشهر بعد إسقاط نظام الحكم القائم في إيران لإجراء الانتخابات العامة «لتشكيل المجلس التأسيسي و التشريعي الوطني». وبعد تشكيل المجلس التأسيسي، تنتهي مهام المجلس الوطني للمقاومة وكيانه، کما تقدم الحكومة المؤقتة استقالتها إلى المجلس التأسيسي.
مهمة المجلس التأسيسي تتمحور فی صياغة الدستور وتحديد النظام الجمهوري الجديد وتسمية حكومة جديدة والتشريع لغرض إدارة الأمور الراهنة للبلاد إلى حين المصادقة علی دستور جديد للبلاد. وستكون دورة المجلس التأسيسي مدة أقصاها عامين.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وبرسم الحد «لا للشاه ولا للملالي» قائم على مبدأ الحريات وحكم الشعب. أي:
قرار آحاد المواطنين واختيارهم الحر، الحرية والديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، والحكم الذاتي للقوميات، وحقوق الإنسان، ومشاركة الشعب في تقرير مصيره، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك التضامن الوطني.
المجلس يرى من واجبه نقل السلطة إلى الشعب الإيراني. ويعترف المجلس بحق اتخاذ القرار وتقرير المصير للشعب وأعلن أن «إحراز حكم الشعب… هو أغلى إنجاز للمقاومة العادلة للشعب الإيراني». (برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) .
وضرورة حکم الشعب، «ضمان توفير المزيد من مستلزمات مشاركة الشعب في اتخاذ القرار وتنفيذه وتأمين متطلباته ووسائل تدخله» (مقدمة مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للحكم الذاتي لكردستان إيران).
إن الجوهر الأساسي لبرنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وخلاصة مشاريعه وقراراته ومضمون أهم مواقفه وبياناته تجمع كلمة واحدة هو مبدأ حكم الشعب بدلًا من سلطة وحكم الملالي أوالشاه.
مشاريع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
وتبنى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مشاريع عديدة لمستقبل إيران منها:
مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للسلام
مشروع الحكم الذاتي لكردستان إيران
مشروع المجلس الوطني للمقاومة حول علاقة الحكومة بالدين والمذهب
مشروع المجلس الوطني للمقاومة حول الحريات وحقوق النساء
مشروع جبهة التضامن الوطني
مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للسلام
كان واحدًا من أكبر الخدمات التي قدمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مبادرة حركة السلام في عزّ أیام حرب خميني الجنونية مع العراق. الحرب التي خلّفت أکثر من مليون قتيل في الجانب الإيراني وحدها. نتائج دمار هذه الحرب مازالت باقية ولم يتم إعادة بنائها ولم تلتئم بعد جروح النازحين من الحرب.
وأعلن المجلس في وثيقة الضرورات الملحّة للحکومة المؤقتة في مارس 1982 «إنهاء الحرب الإيرانية العراقية فورًا وإقامة سلام عادل قائم على وحدة الأراضي وحقوق الشعب الإيراني».
بعد ما انسحبت القوات العراقية من الأراضي الإيرانية في 24 مايو 1982، وبينما كان خميني مُصرا على مواصلة الحرب، رفع رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بشجاعة راية السلام وبقبوله مخاطرات كبيرة، نهض ضد الحرب المشؤومة التي كان خميني يعلن المشاركة فيها بخدعة كبيرة بأنها واجب وطني وديني.
وواصل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية نشاطه في إطار حركة واسعة تحت شعار السلام والحرية، وعرض المجلس في مارس ذلك العام مشروعه للسلام. وأكد هذا المشروع علی اتفاقية الجزائر لعام 1975 و«الحدود البرية والمائية» الواردة فيها وأكد أن «إحالة قضية تحديد الأضرار الناجمة عن الحرب إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي…»؛ وبذلك يضمن المشروع المصالح الوطنية العليا. وقد رحّبت الحكومة العراقية في ذلك الوقت بالمشروع كأساس لبدء مفاوضات السلام. لكن نظام الملالي مازال غير قادر على توقيع هكذا اتفاقية حتى مع الحكومات الخاضعة لنفوذه في العراق.
مشروع الحكم الذاتي لكردستان إيران
قضية أخرى مهمة اهتم بها المجلس الوطني للمقاومة منذ إنشائه هي الحكم الذاتي للقوميات المضطهدة. ويؤكد المجلس في برنامجه أن جميع القوميات وجميع الفروع والاثنيات والطوائف في بلدنا يجب أن تتمتع بحكم ذاتي، ويؤكد أن حقوقها وحرياتها الثقافية والاجتماعية والسياسية يجب أن تكون مضمونة في إطار وحدة أراضي البلد وسيادته الوطنية.
على وجه الخصوص، وافق المجلس على خطة مكونة من 12 مادة للحكم الذاتي لكردستان الإيرانية في عام 1983، والتي، على الرغم من مضي ثلاثة عقود، لا تزال واحدة من أكثر النماذج العالمية شمولًا.
مشروع العلاقة بين الدين والدولة
كان رد هذا المجلس على تجربة الفاشية الدينية والاستبداد الهمجي باسم الإسلام خطة العلاقة بين الدين والدولة، التي أقرها المجلس في نوفمبر 1985.
يرفض برنامج المجلس الدين القسري والإجبار الديني ويرفض أي نوع من «التمييز ومنح الامتياز والإكراه السياسي والاجتماعي» باسم الإسلام.
يؤكد برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في عام 1981 على «الحقوق السياسية والاجتماعية المتساوية لجميع أفراد الشعب» وإلغاء «جميع الامتيازات الجنسية والعرقية والعقائدية». وبطبيعة الحال، فإن تشكيل هذا المجلس بالذات والعلاقات بين قواه يعني تقديم أنموذج عملي للفصل بين الدين والدولة وجمهورية قائمة على الحرية والمساواة.
وتنص الخطة، من جهة، على أنها «لا تعترف بأي حقوق أو امتيازات خاصة لأي دين أو مذهب» (خطة المجلس بشأن ”العلاقة بين حكومة الجمهورية الديمقراطية الإسلامية الإيرانية المؤقتة مع الدين والمذهب – 12 نوفمبر1985)، ومن جهة أخرى، تؤكد على «حرية الأديان والمذاهب».
تؤكد الخطة في مادتها الأولى: «يحظر التمييز ضد أتباع الديانات والمذاهب المختلفة في التمتع بالحقوق الفردية والاجتماعية. لا يجوز منح الامتياز أو حرمان أي مواطن من الترشح أو الانتخاب أو التوظيف أو التعليم أو القضاء أو غيرها من الحقوق الشخصية أو الاجتماعية بسبب إيمانه بدين أو مذهب».
والمادة الثالثة للخطة تنص على أن «صلاحيات السلطات القضائية يجب ألا تعتمد على موقعها الديني أو العقائدي، وان القوانين التي لم يتم سنها في اطار الهيئات التشريعية في البلاد لن يكون لها ضمان أو مصداقية».
مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بشأن الحريات وحقوق النساء
من خلال نضال دؤوب ومثابر ضد أعمال القمع والاضطهاد وعدم التكافؤ المأساوي الذي تتعرض له المرأة الإيرانية، قدم المجلس الوطني للمقاومة خطة واضحة لإنهاء عدم المساواة. وتؤكد هذه الخطة، التي تمت الموافقة عليها بالإجماع قبل 33 عامًا، على تبوأ المرأة الإيرانية مكانها الصحيح، الذي ألهم نضال المرأة الإيرانية من أجل الحرية والمساواة.
الشعار الرسمي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
– في عام 1993 وباقتراح من رئيس المجلس ( السید مسعود رجوي)، اتخذ المجلس شعار الأسد والشمس باعتباره الرمز العريق للإيرانيين كشعار رسمي للمجلس الوطني وازدان العلم الإيراني بألوانه الثلاثة بهذا الشعار.
رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
– في عام 1993 انتخب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانيه بالإجماع مريم رجوي رئيسة للجمهورية في إيران للمرحلة الانتقالية للسلطة للشعب.
مشروع جبهة التضامن الوطني
– وفي عام 2002 أعلن المجلس الوطني، مشروع جبهة التضامن الوطني لإسقاط الاستبداد الديني، مبديا استعداده في اطار الجبهة التعاون مع القوى السياسية الأخرى.
جبهة التضامن الوطني تضم القوى الداعية لنظام الجمهورية الملتزمة برفض كامل لنظام ولاية الفقيه بجميع أجنحته وفئاته الداخلية والتي تناضل من أجل تحقيق نظام سياسي ديمقراطي ومستقل قائم على فصل الدين عن الدولة.
إلغاء حكم الإعدام
– في عام 2005 أعلنت رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: «نحن في إيران الغد المحررة من اضطهاد الملالي، ندافع عن إلغاء حكم الإعدام وإلغاء كافة أنواع وضروب العقوبات الهمجية ونلتزم بذلك. نحن نؤكد ثانية عهدنا باتفاقية حظر التعذيب والقانون الإنساني الدولي واتفاقية القضاء على التمييز ضد النساء».
النظام الداخلي وتركيبة المجلس
ويعمل المجلس بمثابة مجلس تشریعي وبرلمان في المنفى.
حسب النظام الداخلي للمجلس، يتم النصاب في المجلس بحضور نصف أعضاء المجلس وعضو وتصدر القرارات بأغلبية نصف الاعضاء الحاضرين زاید عضو واحد.
الا أن المجلس اعتمد أساسا طوال نشاطه اتخاذ القرارات على أساس إقناع كامل لجميع أعضاء المجلس وسعى لإشراك جميع الآراء المختلفة والرؤى المتفاوتة في قراراته وما تم تبنيه.
المجلس الوطني للمقاومة يشمل كافة المكونات القومية والمذهبية في التراب الإيراني بدءا من الفرس وإلى الأتراك (الأذريين) والكرد والبلوتش والعرب والتركمان.
وضم المجلس ممثلين عن شرائح واسعة من الشعب الإيراني بانتماءات وأفكار مختلفة وأتباع الديانات والمذاهب المختلفة واولئك الذين لا يعتقدون بأي مذهب.
أعضاء المجلس تشمل طبقات ومكونات مختلفة بمن فيهم فنانون وكتّاب وأطباء وتجار وبازاريون وأساتذة جامعات وعسكريون ورياضيون وسياسيون وخبراء وأصحاب صناعات.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بديل خرج من داخل جبهة الشعب ومن أجل حكم الشعب وقرار الجمهور. المجلس هو خلاصة التاريخ السياسي لنضالات مئة عام من تاريخ إيران الأخير.
إن المجتمع الإيراني وتاريخ إيران والثورات والحركات التي شهدها البلد من ثورة الدستور ولحد الآن، خاضوا نضالا بكل حماس لتوفير إمكانية ولادة بديل من رحم الشعب ومن أجل حكم الشعب. لكن ترجمة هذه الإمكانية على أرض الواقع السياسي والملموس لم تكن ممكنًا إلا بوجود قيادة صالحة ومعاناة وجهود جبّارة، وهنا يبرز الدور الصالح الذي لعبه قائد المقاومة مسعود رجوي بنجاح كبير وبذلك جعل مستقبل حركة المقاومة أمرًا مضمونًا.