جاندارك ايران
منذ العام 1979 لم تخمد نيران الثورة علي ظلم شعب غالبيته من الشباب أُخرج من العصر عنوة لترسم له مجموعة انتهازيين صورة متوحشة, وكأنه يسعي الي الولوغ بدماء الجيران والهيمنة عليهم فيما الحقيقة ان القلة المتحكمة بقراره افتعلت ذلك وجلبت اليه الحصار والعزلة والجوع خدمة لسياستها التوسعية التي عفا عليها الزمن, لكنها لا تزال تعيش في اوهام اربعة في المئة من 80 مليون نسمة.
خطاب مريم رجوي في مؤتمر المعارضة الايرانية الذي حضره للمرة الاولي شخصيات ومندوبون من دول شتي, اضافة الي مئة الف ايراني هو ايران الحقيقية, وليست تلك التي انهكتها مغامرات دموية يخوضها ملالي القمع والفتنة والتفرقة.
من فرنسا نفسها حيث ترقد عذراء اورليان الثائرة قبل نحو ستة قرون علي انحراف رجال الدين عن مسارهم الصحيح, اطلت نظيرتها الايرانية امس, لتضع الحل الامثل لعلاقات ايرانية صحيحة مع العالم, قائمة علي تكامل حضاري تعيد الشعب الفتي الي الساحة الدولية ليؤدي دوره في التقدم والتطور, فلا يبقي وقودا لنيران أحلام قتلة وسجانين.
حين نبشت طغمة الاوهام الطاووسية قبور الاحقاد التاريخية لتبرر شعارها “تصدير الثورة” يومها كانت المعارضة الايرانية صادقة بتحذيرها العالم من مغبة الوقوع في فخ ذلك الشعار, لكن للأسف تقدمت مصالح الدول الكبري علي شعارها المفضل حقوق الانسان فراحت تغازل الملالي فيما سكاكين نظامهم تعمل علي تمزيق النسيج الاجتماعي من خلال قمع الاقليات وبقية المكونات الاجتماعية غير المنسجمة مع مشروعهم, لكن صلابة الوحدة المجتمعية كانت السد المنيع في مواجهة المخطط التدميري هذا… هذه القوة ترجمتها رجوي بخطابها الوحدوي الذي لا شك ابكي ملايين الايرانيين حسرة علي ما آلت اليه اوضاع بلادهم في ظل نظام يختلق الازمة تلو الاخري لاشغال الشعب عن محاسبته علي فظائع يرتكبها في الداخل والخارج.
اذا كانت باريس وصفت تاريخيا بعاصمة النور, فإن مريم رجوي اختارتها لتؤكد ان الشعب الايراني يستأهل الضوء وليس الموت المجاني خدمة لاوهام قلة لم تدرك يوما معني الحكمة الفارسية القديمة الطمع بئر مظلمة عميقة, قاعها مختف وفوهتها واسعة ومفتوحة.
أحمد عبد العزيز الجارالله