مريم رجوي: اشترطوا العلاقات مع النظام الإيراني بوقف التعذيب والإعدام في إيران
نص الكلمة في البرلمان الأوروبي عشية اليوم العالمي لحقوق الإنسان
أيها النواب المحترمون في البرلمان الأوروبي
أيها السيدات والسادة
من دواعي السرور أن أحضر بين جمعكم أنتم نواب الشعوب الأوروبية، نساء ورجالا أنتم السبّاقون للدفاع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان في عالمنا اليوم.
أنا اليوم هنا في وقت تقترب فيه إيران لحظة الانفجار. في الشهر الماضي ضرب زلزال رهيب غربي إيران، وخلّف خسائر كبيرة. وأبرز الزلزال حقيقتين أمام أعين العالم:
الأولى هي الفساد الحكومي المنتشر على نطاق واسع، والحالة المأساوية للبنى التحتية للبلاد والعجز الحكومي عن حل أبسط مشكلات المواطنين؛ والحقيقة الثانية هي التضامن الشعبي مع المنكوبين بالزلزال تحديا للنظام.
النظام وخوفاً من غضب وكراهية الشعب، وقبل إيصال أيّة إغاثة للمنكوبين، أرسل قوات الحرس ومكافحه الشغب إلى المنطقة المنكوبة. لكن ذلك لم يمنع احتجاجات المواطنين وإثارة غضبهم. وبلغ الفساد الحكومي حدّا نهبوا الكثير من المعونات الشعبية ومنعوا وصولها إلى المواطنين المنكوبين.
إرادة الشعب الإيراني لتغيير النظام ظهرت في حالة أخرى أيضا، يوم 29 اكتوبر وهو يوم عُرف بيوم كوروش الكبير، إنه أعلن أول ميثاق عالمي لحقوق الإنسان. وكانت القوات القمعية التابعة للنظام تجمعّت لمنع وصول المواطنين إلى مقبرة كورش في باسارغاد. لكن عشرات الآلاف من المواطنين هبّوا من أرجاء البلاد باتجاه باسارغاد. وشهدت إيران مواجهة شعبية برزت بوجه النظام الدكتاتوري الديني.
والنظام المالي للبلاد على حافة السقوط. قبل أسبوعين اعترف وزير الداخلية للنظام أن هناك 150 حركة احتجاجية تجري يوميا في البلاد. هناك حراك احتجاجي منذ عام في مختلف مناطق ومدن إيران يواصله المواطنون الذين نهبت أموالهم من قبل مؤسسات مالية تابعة للحكومة، ويتسع نطاق هذه الاحتجاجات كل يوم أكثر من ذي قبل. وتحوّلت في حالات عديدة إلى احتجاجات سياسيّة ضد النظام برمته.
في غضون ذلك، تحوّلت حركة مقاضاة المسؤولين عن مجزرة العام 1988 إلى حركة شعبية واسعة، خاصة وأن المقاومة الإيرانية قامت بتنظيم وتأطير هذه الحركة بشكل نشط. وكانت هذه الحملة هو الأساس لفشل خامنئي في مسرحية الانتخابات لاخراج أحد المسؤولين عن هذه المجزرة من صناديق الاقتراع رئيساً لنظامه. وتحوّل شعار «لا للجلاد، لا للمحتال، صوتي إسقاط النظام» والذي استهدف المرشحين الرئيسين، إلى شعار شعبي واسع.
وفي هذا السياق اعترف الأمين العام للأمم المتحدة في آخر تقريره إلى الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة بتلقيه مجموعة كبيرة من الشكاوى لعوائل الضحايا.
وفي كلمة واحدة، يتسع نطاق المواجهة بين الشعب والنظام يوما بعد يوم.
وماذا يفعل الملالي لبقائهم؟
استنفد نظام الملالي حتى الآن كل رصيده الستراتيجي للبقاء. انه وصل إلى حافة الافلاس من حيث الوضع الاقتصادي. الاتفاق النووي لم يعالج أي مشكلة له. ومن الناحية الاجتماعية انعزل أكثر من أي زمن آخر. كما اصيب بالهزيمة في خطته الستراتيجية للقضاء على معارضته الرئيسية ولم يتمكن من الحؤول دون انتقال أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من سجن ليبرتي في العراق إلى أوروبا.
وفي هذه الحالة فالحلّ يبقى في المزيد من حملات القمع؛ والمزيد من الإعدامات. انظروا إلى تقرير مقرّرة الأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران..
لقد ثبت أن وعود الملا روحاني لم تكن إلا أكاذيب بحتة لاختلاق الآمال الكاذبة وامتصاص الغضب الشعبي ومخادعة المجتمع الدولي. ولكن لم تعد تجدي هذه الممارسات لتطويق مجتمع يشتاق إلى التغيير. وفي واقع الأمر، نزع روحاني عن وجهه نقاب الاعتدال الكاذب، بدعمه الكامل للممارسات القمعية لقوات الحرس في الداخل، ودعمه للمجموعات الإرهابية في المنطقة والبرنامج الصاروخي للنظام.
العامل الثاني لبقاء النظام تصعيد تدخلاته خارج الحدود. وهذه السياسة لا تعكس قدرة النظام وانما تكشف عن واقع نظام يعيش في دوامة الأزمات الداخلية وهو يحاول عن طريق ممارسة نفوذه في المنطقة، التستر على عجزه الداخلي من جهة، واستعراض العضلات الكاذبة وأعمال الابتزاز، من جهة أخرى لكي يمنع المجتمع الدولي من اتخاذ سياسة حازمة ضده. انظروا إلى التصريحات الأخيرة لقادة النظام منهم خامنئي وروحاني وقادة قوات الحرس حيث يقولون في كلمة واحدة:
انهم سيواصلون التدخل واشعال الحروب والإرهاب في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من الدول،
سيواصلون الدعم لدكتاتورية الأسد.
سيواصلون تمويل وتسليح المليشيات الإرهابية التابعة لهم في المنطقة.
سيواصلون برنامجهم الصاروخي.
انهم يؤكدون أن سبب سيطرتهم على الوضع الداخلي اليوم هو يعود إلى «وجود استراتيجية محدّدة في القتال خارج الحدود».
وطالما لا يحاسبهم المجتمع الدولي على أعمالهم التخريبية، فان الملالي سيواصلون مغامراتهم الخطيرة. وطالما يعيش المجتمع الدولي في وهم أنه يستطيع لجم هذا العفريت من خلال منح تنازلات له، فانه يغذيه لكي يستمر في حياته. بينما الحل يكمن في إبداء الحزم، وليس في إعطاء تنازلات وامتيازات. خضع النظام الإيراني للمفاوضات النووية وتراجع خطوة واحدة بسبب أنه شعر بالقلق أن العقوبات قد تؤدي إلى إشعال فتيل الانتفاضات الكبرى في الداخل.
دعوني أن أكون صريحة معكم، الاتحاد الأوروبي مع الأسف قد تخلى عن قيمه، لغرض توسيع تجارته مع الملالي، ويغض الطرف على الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في إيران.
إن إبرام العقود الاقتصادية مع قوات الحرس التي تسيطر على معظم ساحات الاقتصاد الإيراني، ليس إلا سياسة قصيرة النظر تعرّض السلام والاستقرار لمزيد من الأخطار.
في حين يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يلعب دورا إيجابيا في السلام والاستقرار في المنطقة.
وفيما يلي بعض الخطوات المحددة الواجب اتخاذها:
– حاسبوا النظام الإيراني على جرائمه التي ارتكبها ضد شعبه وخاصة مجزرة العام 1988 واشترطوا العلاقات التجارية معه بوقف الإعدام في إيران.
– اطلبوا خروجا فوريا لقوات الحرس والمليشيات العميلة لها من سوريا و دول المنطقة والا ستترتب عليها عواقب وخيمة.
– اطلبوا وقفا سريعا للبرنامج الصاروخي لنظام الملالي أو سيواجه عقوبات نفطية ومصرفية شديدة. البرنامج الصاروخي ليس للدفاع عن إيران، وانما ضد الشعب الإيراني ولغرض خلق أزمات في المنطقة.
– واذا لا يتم إبداء الحزم والصرامة حيال نظام الارهاب الحاكم باسم الدين في إيران، فإنه يفرض حربا بلا هوادة على المنطقة والعالم. هذه هي الفرصة الأخيرة لأوروبا لاتخاذ سياسة صحيحة مع نظام الملالي.
هذا النظام ولغرض زعزعة الاستقرار في المنطقة وقمع الشعب الإيراني يحتاج إلى أوروبا. انه يستغل مسايرة أوروبا معه دبلوماسيا وتجاريا لصالح تطبيق نوايا ولاية الفقيه الخطيرة، ويستغل حسب اعتراف الأجهزة الأمنية الأوروبية، الأسواق الأوروبية لاكمال برنامجه النووي. ويستغل الشركات الأوروبية لطبع عمولات مزوّرة.
اسمحوا لي أن أختم كلمتي بتذكير لحظة تاريخية في تاريخ بلدي.
وفي يناير 1978 قال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أثناء زيارته لإيران: «تعتبر إيران جزيرة الاستقرار بفضل الزعامة الكبيرة للشاه في منطقة تعدّ من أكثر المناطق قلقا في العالم».
وبعد 10 أشهر من بدء الثورة في إيران في العام 1978، أرسل مستشار الأمن القومي الأمريكي تقريرا من الأجهزة الاستخبارية الأمريكية له بدأ بـ «خبر جيد» وأكد أن إيران لا تعيش «لا في وضع ثوري ولا وضع ممهد للثورة؛ هناك معارضة بسبب السيطرة الشديدة للشاه ولكنها لا يمكن عدها في الوقت الحاضر تشكل خطرا حقيقيا ضد الحكومة». وهذا التقرير كان قبل أشهر من سقوط الشاه.
لا شك أن الشعب الإيراني يريد إسقاط نظام الملالي. فعلى الاتحاد الأوروبي أن يتخذ قراره في الوقوف بجانب أي من الطرفين. معظم نواب الشعب الأوروبي يقفون منذ سنوات بجانب الديموقراطية وحقوق الإنسان. وهناك بديل ديموقراطي لنظام الملالي، يؤمن بالانتخابات الحرة، والمساواة بين الجنسين، وفصل الدين عن الدولة، والمساواة في الحقوق لكل الأقليات القومية والدينية وإيران غير نووية.
أشكركم جميعا.
- الوسوم:الشعب الإيراني, انتهاك حقوق الإنسان