مريم رجوي في البرلمان الأوروبي:في يوم حقوق الإنسان، لاتزال إيران تمتزج بالدماء
بمناسبة العاشر من كانون الأول/ ديسمبر، الذكرى السادسة والستين من إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أحيي وأسلم الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم في هذا الدرب ومن أجل هذه القضية.إنه شر البلية ما يضحك بينما مازالت إيران تمتزج بالدماء ونحن في يوم حقوق الإنسان. وأعدم الملالي خمسين شخصا خلال الأسبوعين المنصرمين.
كما تعرض العشرات من السجناء في سجن مدينة أرومية للتعذيب بينما يمرون باليوم العشرين من إضرابهم عن الطعام كما أصيب العشرات منهم بأمراض وهم لا يتنعمون بالأدوية والعلاج والملالي المجرمون في صدد قتلهم على طريقة الموت البطيء، في حين ينتظر آلاف السجناء تنفيذ أحكامهم بالإعدام.
فمن هذا المنطلق أتساءل الدول الأوروبية ما هي الشرعية لمواصلة العلاقات مع هذه الحكومة الهمجية والمجرمة؟ وهل تحوّل أو تغير شيء في ولاية روحاني؟
وقد أعطى بشكل واضح وصريح كل من الأمين العام للأمم المتحدة والمقرر الخاص لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجابة سلبية لهذا الأمر.
إلا أن الحقيقة تذهب أبعد من ذلك. لأنه لا يوجد شيء تحت عنوان حقوق الإنسان في إيران اليوم.
ولقد بنى هذا النظام أسسه ومبادئه على دماء 120ألف سجين سياسي معدوم حيث تم إبادة جماعية في حق ثلاثين ألف منهم عام 1988 خلال أشهر فقط وذلك طبقا لما أصدره خميني من الفتوى. كما يعتمد كل من الدستور وقوانين الجزاء والقوانين المدنية والقرارات الصادرة عن برلمان الملالي، كلها على انتهاك حقوق الإنسان. فانظروا إلى ما وقع خلال العام الحالي من أحداث:
ـ قامت قوات الحراسة في سجن إيفين في نيسان/ أبريل بهجوم دام وعنيف على جناح 350 بسجن إيفين.
ـ وفي تشرين الأول/ أكتوبر نظم مسؤولو النظام حملة للاعتداء برش الحامض على وجوه النساء في مدينة إصفهان وباقي المدن وذلك بذريعة سوء التحجب.
وأكد الأطباء على أن بعضا من هؤلاء النساء الضحيات بحاجة إلى العملية الجراحية لـ50مرة على الأقل.
ـ وفي كانون الأول/ ديسمبر اعتدى عدد من العناصر التابعين لميليشات الباسيج على عدد من النساء بالطعن بالسكين في مدينة جهروم.
وقد نظم كل من هذين الهجومين بعد ما ألقى مسؤولون وممثلون للخامنئي خطاباتهم وأصدروا أوامرهم.
ـ كما أصدر برلمان النظام قرارا يقضي بالدفاع والدعم لمن يرتبك مثل هذه الجرائم.
ـ وأعدم 1200شخص منذ انتخاب روحاني كرئيس للبلاد بينما كان 8 منهم عل الأقل قاصرين (بأعمار تحت 18). وتزامنا مع ذلك اشتدت وتيرة ممارسة القمع في حق الأقليات القومية كالعرب والبلوش والأكراد فضلا عن اعتقال أبناء السنة والدراويش والمسيحيين والبهائيين. ورغم كل ذلك يوحي الداعمون لروحاني بأنه شخص متجدد ومعتدل.
ولم يصل عدد الإعدامات في إيران خلال الـ25 عاما الماضية إلى ما نفذ من الإعدامات خلال العام الأول بعد وصول روحاني إلى السلطة. كما لم يكن أعضاء المعارضة قد تعرضوا للمجزرة والاختطاف خلال الأعوام الماضية بقدر ما تعرضوا لهما واستهدفوا خلال هذا العام. كما لم تستهدف وبهذه الأبعاد هذه الحملات والإجراءات الإجرامية السافرة النساء الإيرانيات خلال الأعوام الماضية بالمقارنة مع هذا العام. وقال روحاني في 19نيسان/ أبريل العام الجاري: «عندما حوكم شخص بالإعدام… إما يعتمد الأمر على قانون الله، إما على قانون أصدره البرلمان… ونحن منفذون لذلك».
ـ وفي تشرين الثاني/ نوفمبر أعدمت ريحانة جباري عن عمر ناهز 26عاما بعد سبعة أعوام من السجن وذلك للدفاع عن نفسها أمام الاعتداء عليها. وحاولت حكومة روحاني بكل ما في وسعها ومن خلال وزارة المخابرات على تنفيذ حكم الإعدام فيها وذلك رغم معارضة واسعة لهذا الأمر داخل إيران ودعوات عديدة للكثير من المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان من أجل الإفراج عنها.
وها هو معنى العدالة والاعتدال لروحاني والذي يستخدمه عدد من الدول الغربية تبريرا لعلاقاتها الغير شرعية مع الدكتاتورية الدينية. ولا يتمتع هذا النظام بأدنى قابلية للإصلاح.
وقد جعلت الدول الغربية حقوق الإنسان في إيران ضحية لعلاقاتها مع الدكتاتورية الدينية. فانظروا إلى ما ترتب من نتائج على زيارات قامت بها وفود برلمانية من أوروبا خلال العام الحالي. فاستفاد الملالي كلا من هذه الزيارات كفرصة لزيادتهم الإعدامات.
الأصدقاء المحترمون!
لقد جرت المفاوضات النووية مع الملالي خلال العام المنصرم متزامنا مع زيادة الإعدامات. وليست كل من أوروبا وأمريكا التزمتا الصمت تجاه كارثة ممارسة القمع في إيران فحسب، وإنما قدمتا مزيدا من تنازلات غير مبررة للنظام. ولكن ورغم ذلك لاقت المفاوضات الفشل فيظل العالم يخاف إزاء امتلاك نظام متطرف همجي القنبلة النووية.
وأما ما يعود إلى الملالي فإن تمديد المفاوضات يشير إلى أزمة وهزيمة كبيرتين. ولا يمكن لهذا النظام ولا قابلية له أن يعقد اتفاقا يقضي بكف النظام عن القنبلة النووية كونه يواجه مأزقا: ينوي رفع العقوبات الدولية ولكن وفي نفس الوقت يخشى تجاه ما يترتب من تداعيات جراء كفه عن القنبلة وهي التي تعد ضمانا لبقائه.
وفضلا عن ذلك يشهد رأس النظام صراعا استنزافيا على السلطة. والأهم من ذلك هو أن المجتمع الإيراني مستاء للغاية وهو على أعتاب انتفاضة أخرى.
وقد تحدى الطلاب من مختلف الجامعات قبل ثلاثة أيام وبمناسبة يوم الطالب في إيران الدكتاتورية الحاكمة في إيران من خلال هتافهم بشعار «ليفرج السجين السياسي» وذلك بالرغم من إجراءات أمنية شديدة اتخذتها القوى القمعية التابعة للملالي. إذن فحان الآن موعد تشديد ممارسة الضغوط على نظام الملالي الحاكم في إيران. فجلس الملالي خلف طاولة المفاوضات نتيجة تشديد الضغوط، كما لم يوقع الاتفاق نتيجة تقديم الغرب تنازلات له. والآن وفيما يتعلق بهذا النظام لا يبقى سوى طريق نحو الأمام وهو زيادة الضغوطات وزيادة العقوبات. لا يوجد هناك بصيص نور في نهاية نفق المفاوضات الماراثونية بل هناك فقط القنبلة النووية في نهاية النفق.
دعوني أن أكرر: هذا البرنامج – البرنامج النووي للنظام – لا شرعية له لدى الشعب الايراني. الشعب الايراني الذي يعيش 12 مليون من أبنائه في الجوع حسب مسؤولين حكوميين يرفضون استمرار هذا البرنامج. وقال قائد المقاومة الايرانية مسعود رجوي بهذا الصدد: «الملالي يريدون التستر على الضعف الماهوي لهذا النظام باليورانيوم المخصب ولكن وقبل الطاقة الذرية، أليس كل من الحرية والسيادة والعمل والخبز والسكن هي كلها حق الشعب الإيراني المؤكد؟»
الأصدقاء الأعزاء!
لقد أثار اليوم ما يرتكبه المتطرفون من جرائم في كل من سوريا والعراق الغضب والكراهية العالميين. وقد شكلت الدول الغربية تحالفا دوليا من أجل التصدي لها والقضاء عليها. ولكن لماذا لا يقفون في وجه نظام يعتبر عراب داعش؟ ألم يكن ما ارتكبه النظام من كوارث خلال الـ35 عاما الماضية في إيران أكبر لمئة ضعف؟ وما هو تبرير الدول الغربية تجاه ممارسة القمع من قبله؟ والأمر الاكثر اثارة للأسف هو أن لوبيات هذا النظام تشجعوا على الإيحاء بأن الحل في الحرب ضد داعش يكمن في التعاون مع النظام الإيراني. إلا أنه ليس حلا ، وإنما يعد وصفة لكارثة.
النواب المحترمون!
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان أود أن ألفت انتباه البرلمان الأوروبي إلى تواصل الحصار الغير إنساني المفروض على ليبرتي مخيم المعارضين الإيرانيين في العراق.
وقد استخدم الملالي ماكينة القمع والقتل ضد مجاهدي درب الحرية أكثر من أي شيء آخر. وفي 1يلول/ سبتمبر 2013 قامت القوات التابعة لحكومة المالكي في العراق بقتل جماعي في مخيم ليبرتي وذلك طبقا لما أمرهم به الخامنئي حيث قاموا بالإعدام الجماعي في حق 52 شخصا بإطلاق الرصاص على رؤوسهم وهم كانوا مكبلي الأيدي كما اختطفوا سبعة أشخاص بينهم ست نساء لأخذهم كرهائن. كما قصفوا مخيم ليبرتي بالصواريخ في 26كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي وذلك للمرة الرابعة في عام واحد.
وفرضت الحكومة العراقية خلال الستة أعوام الماضية حصارا على مجاهدي درب الحرية في كل من أشرف وليبرتي؛ حظر الخروج من المخيم والدخول إليه ومنع اللقاء حتى بالمحامين وكذلك حصار طبي غير إنساني حيث أودى بحياة 22شخصا منهم لحد الآن.
والآن ومنذ فترة بدأت القوات العراقية وبأمر من قوات الحرس استأنفت مرة أخرى التعذيب النفسي في حق السكان عبر استخدامهم مكبرات صوت قوية جدا وذلك على غرار التعذيبات التي كانت تجرى خلال عامي 2011 و2012 في أشرف عبر 320 مكبرة صوت.
فلذلك أدعو الاتحاد الأوروبي أن يطالب الحكومة العراقية باحترام حقوق المجاهدين في ليبرتي وأن تبدي الصرامة أمام الاستبداد الهمجي الحاكم في إيران من خلال تغيير سياستها.
خاصة وفي الوقت الحاضر بينما تولى مسوؤلون جدد زمام الأمور في كل من الاتحاد الأوروبي واللجنة الأوروبية وجهاز السياسة الخارجية لهذا الاتحاد فمن المتوقع أنهم يقودون مبادرة جديدة للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران.
وينبغي أن يضم هذا الموقف الجديد النقاط التالية:
ـ أن تشترط العلاقات السياسية والتجارية مع النظام الإيراني بتحسين وضع حقوق الإنسان خاصة وقف الإعدام والتعذيب.
ـ أن يحال المسؤولون والمتورطون لهذه الجرائم أي رموز هذا النظام إلى العدالة.
ـ أن يرغم نظام الملالي على الرضوخ التام لما أصدره مجلس الأمن من القرارات وإيقاف عملية تخصيب اليورانيوم وقبول حالات التفتيش الدولية في جميع مواقعه ومراكزه المشتبه بها.
ـ أن يرفع الحصار المفروض على مخيم ليبرتي خاصة الحصار الطبي وأن تحال قضية مخيم ليبرتي إلى مؤسسات غير موالية للنظام الإيراني.
وليس تحقيق هذه المطالب يصب لمصحلة الشعب الإيراني والشعوب في المنطقة بأسرها فحسب، وإنما يعد بمثابة ضرورة للسلام والأمن في العالم. لأن كلا من مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية يعدان الحل والبديل الوحيد أمام نظام الملالي والدكتاتورية الحاكمة في إيران وهذا البديل هو الوحيد من نوعه أمام التطرف والإرهاب في كل من إيران والشرق الأوسط.
كما تأتي مجاميع إرهابية نظير حزب الله وداعش كحصيلة للتطرف في طهران. فبالتالي تطالب المقاومة الإيرانية بالحرية والديمقراطية للشعب الإيراني وشعوب المنطقة والسلام والأمن للعالم بأسره.
وأشكركم جميعا.
- الوسوم:تنزّل النظام