مريم رجوي: الشعب وتاريخ إيران يمضون قدمًا إلى الأمام في طريق النصر المؤزر
نص كلمة مريم رجوي في معرض «120 عامًا من النضال من أجل الحرية»
أيها الأصدقاء الأعزاء،
السيدات والسادة،
يسعدني أن أرحّب بكم في أشرف الثالث. مرة أخرى أتقدّم إليكم بالشكر والامتنان على ما بذلتم من الجهود لدعم الأشرفيين والمقاومة الإيرانية.
الجهود التي أدت في النهاية إلى النقل الآمن الجماعي للمجاهدين. وكان حملة كبيرة ناجحة وأنتم أصبحتم جزءا من هذه الحملة.
أراد الملالي وقوات حرسهم القضاء على روّاد الثورة ومناضلي درب الحرية. لكننا هزمناهم في هذه المعركة. وكان هذا منعطفًا في النضال من أجل إيران حرّة.
أنا متأكدة من أنكم ستواصلون جهودكم إلى جانب الأشرفيين حتى الوصول إلى طهران وإيران حرّة ديمقراطية.
اليوم في أشرف الثالث، اجتمعنا للاحتفال بمرور 120 عامًا على نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية. نضال شهد صعودًا وهبوطًا كثيرًا، مع العديد من الهزائم والانتصارات، مع الدموع والابتسامات لشعب أسير مضطهد ومقموع من قبل ديكتاتورية الشاه ثم الاستبداد الديني. ولكن هذا مسار إلى الأمام ينتهي إلى نصر مؤزر بإذن الله.
لقد فتحنا طريقنا من بين فرق الإعدام والمجازر والقصف بالصواريخ والتفجيرات وإدراجنا في مختلف القوائم الإرهابية وأنتم كنتم جميعًا إلى جانبنا في إزالتها.
مرات، مثل طائر الفينق، الطائر الأسطوري، احترقنا ثم بُعثنا من رمادنا ونهضنا ورفعنا رؤوسنا رغم الأعمال العدائية السقيمة وحملات الشيطنة والتشهير والإرهاب الجامح. يريد الملالي الحاكمون في إيران أن يقولوا إنه لا يوجد بديل موثوق به وأن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ليس لها قاعدة اجتماعية.
لكن التاريخ، بصمودنا وصمود شعبنا، يضحك على ذقون الملالي.
الحلقة المفرغة في نضال الشعب الإيراني على مدى 120 عامًا
نضال شعبنا الذي دام 120 عامًا استطاع من كشف الحلقات المفرغة لانتصار مؤزر من خلال دفع ثمن باهظ لكل واحدة منها. وكان وجود تنظيم متماسك والنضال المنظم، مع قوة مصممة، متراصّة ومستعدة للتضحية، إحدى الحلقات المفقودة للتحركات السابقة للشعب الإيراني، التحركات التي لم تؤد إلى النتائج المرجوّة منها رغم كل التضحيات. والآن أصبح أشرف الثالث رمز المقاومة المنظمة للشعب الإيراني من أجل الحرية.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
عندما شاهدت مشاهد من هذا المعرض، على الرغم من أنني عشت أكثر من أربعين عامًا جميع الأوقات وفي شهدت فترات الصعود والهبوط لهذه المقاومة، ولكن أمام الواقع الذي عاشه هؤلاء النساء والرجال وعظمة هذه المقاومة من جهة، ومن جهة أخرى جرائم نظام الملالي ضد خيرة أبناء الشعب الإيراني، اصبتُ بالدهشة. لا توجد لدينا فرصة كافية لشرح التأثير العميق لهذه المشاهد. أنتم ستشاهدونها عن قرب. فمن ناحية، الأبعاد الهائلة للجرائم، ومن ناحية أخرى مدى التضحيات، والإيثار، والإيمان وملاحم المقاومة الكبيرة لطلائع الشعب الإيراني، كلّها يبعث باالاستغراب.
لاشكّ أن هذا المعرض يعكس مجرد جزء صغير من تاريخ نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية.
استطاع شعبنا في بداية القرن العشرين، في الثورة الدستورية، من رفض الديكتاتورية الملكية المطلقة. ولكن في أقل من 15 عامًا، وفي ظل عدم وجود الأسس الضرورية والمؤسسات الديمقراطية، عاد الاستبداد ليسيطر على البلاد من جديد. تم قمع طلّاب الحرية في غياب القيادة والتنظيم، واستطاع رضا شاه (أب الشاه)، من تسليط دكتاتورية أخرى.
وبعد ثلاثين عامًا، في العام 1951، قام الدكتور محمد مصدق، زعيم حركة تأميم النفط، بتشكيل أول حكومة وطنية ديمقراطية حقيقية في إيران. لكن تمت الإطاحة به في أقل من عامين ونصف العام في انقلاب أسود. تم سجن مصدق وإعدام الدكتور حسين فاطمي وزير خارجيته.
واستمرّت دكتاتورية الشاه الظلامية في إيران لمدة 25 سنة أخرى.
لو كان مصدق يجد الفرصة لتأسيس ركائز الديمقراطية في إيران، لكان اليوم وجه إيران ومنطقتنا مختلفًا عما هو عليه الآن، ولا شك في أن المذهبية والتطرف لما وجدا هكذا ميدان للجولان فيه.
كان خميني هو ولي العهد الحقيقي للشاه. في الديكتاتورية الملكية أحادية الحزب، خرجت الأحزاب التقليدية من الساحة السياسية. وفي غياب الحرية والأحزاب السياسية، لم يبق تيار سوى خميني.
قام الشاه بإعدام أو سجن قادة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وجميع القوى التقدمية، وهكذا استغلّ خميني، بصفته مرجعًا دينيًا في المنفى، الفرصة لركوب أمواج الانتفاضات وثورة الشعب الإيراني.
وفي الحقيقة، سرق خميني قيادة ثورة الشعب الإيراني، وأسّس منذ البداية، ديكتاتورية دينية، أو حسب تعبيره، سلطنة الولي الفقيه المطلقة. ولكن على الرغم من كل الجرائم والمجازر، لم يستطع إطفاء مشاعل الحرية في إيران.
كانت الحرية الهدف الأسمى للثورة ضد الشاه
ومنذ اليوم الأول رفعت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وبشعار الحرية وتحت قيادة مسعود، الذي أُطلق سراحه وجراء انتفاضة الشعب وقبل قليل من سقوط الشاه، راية النضال ضد الديكتاتورية الدينية وضد حكم ولاية الفقيه.
ولم يسمح أن يخفي خميني وجهه السفاح خلف قناع الدين.
ولم يسمح لخميني أن يكرّس نفسه ويقرّ خلافته الشيطانية أبدية باسم الإسلام. كما رفعت شعار السلام والحرية ولم تسمح لخميني بمواصلة الحرب الخيانية لأكثر من ثماني سنوات مع العراق.
حرب خميني مع العراق بشعار فتح القدس عن طريق كربلاء، قد خلّفت في الجانب الإيراني وحده مليون قتيل ومليون جريح ومعاق.
مع ألف مليار دولار من الخسائر و4 ملايين مشرد و50 مدينة محترقة.
وأسس مسعود قائد المقاومة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في عام 1981، وبعد ست سنوات، أسس جيش التحرير الوطني الإيراني. في بداية وصول خميني لإيران، وفي لقاء جمع بين مسعود وخميني في طهران، قال خميني لمسعود أنك شابّ والشباب يستمعون إليك. اكتب عدة أسطر مفادها أنه كل أولئك الذين ليسوا من أهل الدين، فليس لهم الحق في النشاط السياسي، وبعد ذلك سيكون الطريق مفتوحًا أمامك. أجاب مسعود أنه لا يستطيع فعل ذلك. لأن الناس ثاروا من أجل الحرية وفي رأينا الإسلام دين الحرية.
أدرك خميني على الفور أن المجاهدين لا يقبلون التضحية بمُثُلهم الأعلى ومعتقداتهم من أجل الحصول على الجاه والمناصب.
40 عامًا من المعركة بين الاستبداد والحرية
وهذه القضية، أي قضية الحرية. راح من أجلها 120 ألف شهيد على درب الحرية طوال 40 عامًا. بما في ذلك ثلاثين ألف شخص، تم ارتكاب المجزرة بحقهم في عام 1988 لمجرد الدفاع عن اسم مجاهدي خلق. كما تم اعتقال نصف مليون شخص وتعذيبهم بوحشية.
كان النظام يجعل من أخواتنا السجينات للبقاء في القفص بحالة القرفصاء لأيام وأسابيع لإرغامهن على الاستسلام. بعض السجناء الذين تحملوا هذا التعذيب لعدة شهور موجودون هنا اليوم. أعمال تعذيب وحشية، مثل تعذيب الأم أمام الابن، أو بالعكس، تعليق السجين من السقف وغيره من ضروب التعذيب. لكنهم رغم كل ذلك، لم يتمكنوا من تحطيم معنوياتهم.
وهكذا استمرت المقاومة وامتدت وانتشرت إلى أشرف وليبرتي. كما استمرت جرائم الملالي في أشرف وليبرتي مع تحديد 22 مهلة زمنية على مدى عقد من الزمان، وحصار طبي، وتعذيب نفسي باستخدام أكثر من 300 مكبرة صوت لمدة عامين، و 29 هجومًا بريًا وجويًا، بالدروع والصواريخ بما في ذلك سبع حمامات دم ومجازر. وهذا كان ثمنًا، دفعه كل واحد من هؤلاء المجاهدين بكل وجودهم وعواطفهم.
لو سألتم أي واحد منهم عن الدافع، سيقولون لكم إن صمودهم كان يستند إلى ثلاثة عناصر:
أولًا: اختيار على وعي بإرادتهم للمضي قدمًا في طريق الله والشعب، أي مسار التطور والتاريخ،
ثانياً: اختيار قضية حرية الشعب الإيراني على وعي ودفع الثمن من أجلها،
ثم الانضواء في التشكيلة المناسبة لتحقيق هذه القضية، وهي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، التي يسعى الملالي منذ 40 عامًا، بكل قواهم الشريرة تدميرها.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
المشهد السياسي في إيران خلال الأربعين سنة الماضية هو معركة بين الاستبداد والحرية التي في طليعتها مجاهدي خلق. في إيران، من الشمال إلى الجنوب، لا توجد مدينة لم تخضّب بدمائهم.
أشرف ينهض شامخًا وقويًا
ولكن اليوم نحن نمر بمنعطف تاريخي. نهض أشرف، مرة أخرى شامخًا وقويًا وناصعًا ليمثّل عنوان المقاومة.
أشرف الذي انتشر على هيأة 1000 مجموعة من معاقل الانتفاضة في جميع أنحاء إيران. ومجتمع على وشك التفجر بات يرفض الرضوخ لسيطرة نظام الملالي ويدعو للاطاحة به.
على النقيض من ذلك، فإن النظام غارق في أزمة سياسة التحريض على الحروب والإرهاب والعقوبات الدولية ويعيش مرحلة الانهيار.
ولكن الشعب وتاريخ إيران يمضون قدمًا إلى الأمام في طريق النصر المؤزر.
وعلى هذا الدرب، فإن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، مع ألف امرأة بطلة يشكّلن المجلس المركزي للمنظمة، تتخطى حدود تنظيم سياسي لتبقى للشعب الإيراني، ثروة وطنية وأملًا في الحرية والديمقراطية.
ولاشك ، أن الحرية ستنتصر على الاستبداد. أشكركم جميعًا.
- الوسوم:الشعب الإيراني