مريم رجوي: ضرورة نفي التطرف «الاسلامي» التصدي للنظام الايراني والدعم لبديله القائم على اسلام ديمقراطي
الأصدقاء الأعزاء،
أقدر مبادرة «لجنة المسلمين الفرنسيين للدفاع عن الأشرفيين» ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وقد قطع كل من السادة الشيخ خليل مرون والشيخ داهو مسكين وتوفيق سبطي وهم من القادة الأجلاء في المجتمع الإسلامي الفرنسي وعبر تأسيسهم هذه اللجنة خطوة هامة في دعم الأتباع الحقيقيين للاسلام والتصدي للقوى التي تحارب الإسلام تحت يافطة الإسلام.
ويتزامن تأسيس هذه اللجنة مع أحداث هامة تقع في العالم الإسلامي وفي الشرق الأوسط على وجه التحديد؛ وهي الأحداث التي تمخضت عن تأثيرات دولية عميقة.
كما يزيد ارتكاب كل من داعش والميليشيات الموالية للنظام الإيراني في كل من العراق وسوريا جرائم رهيبة ومروعة وذلك تحت يافطة الإسلام، ضرورة التوعية حول هذه المسألة واتخاذ سياسة صائبة حيال الهمجية والإرهاب الناجمين عن التطرف. ونحن نعتقد أن جذور هذه الظاهرة وسبب تواصلها وتشديدها تعود إلى نظام ولاية الفقيه في إيران.
فاسمحوا لي أن أسلط الضوء على نقاط أساسية في هذا الشأن:
أولا، الأزمة التي ظهرت بوجود داعش هي حصيلة ظروف خلقها نظام ولاية الفقيه والديكتاتوريتان الصنيعتان له في العراق وسوريا بسياسة القمع والطائفية وذلك عبر المجازر وممارسة القمع والتطرف. و تتحمل الدول الغربية المسؤولية تجاه مد هذه الأزمة بسبب اعتمادها سياسات خاطئة وسيما سياسة المساومة مع النظام الايراني الذي هو عراب للتطرف والارهاب.
وأنا أقصد من إشارتي التزامهم الصمت تجاه الانتهاك الفظيع والهمجي لحقوق الإنسان في إيران وكذلك الصمت إزاء الجرائم المرتكبة من قبل الحكومة الموالية للملالي في العراق بحق الأشرفيين فضلا عن التزامهم الصمت حيال قمع وتهميش أبناء السنة في العراق.
والنقطة الثانية: ان المواجهة العسكرية لا يمكن ان تؤدي الى اجتثاث داعش، ما لم يتم القضاء على بيئته الحياتية في عموم ارجاء المنطقة…. والعامل الواهب للحياة لهذه الظاهرة هو احتلال وهيمنة النظام الإيراني. إذن يكمن إمحاء داعش في طرد نظام الملالي من هذه البلدان.
كذلك يجب أن أؤكد على أن اليوم ليس الاصطفاف في هذه المنطقة بأسرها بين الشيعة والسنة ولا حتى بين المسلمين والغير مسلمين ولا بين الشعوب في الشرق الأوسط والدول الغربية. لا، وإنما الصراع الرئيسي هو بين نظام ولاية الفقيه وحلفائه نظير دكتاتور سوريا والميليشيات التابعة لهذ النظام في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن والتيارات المتطرفة والمتشددة من جهة وشعوب المنطقة أجمعين من جهة أخرى.
لذلك أود أن أحذر من أن أي تعاون وتقرب من النظام الايراني تحت عنوان مكافحة داعش سيؤدي فقط الى مد هذا السرطان في المنطقة والدول الإسلامية لامحالة وستكون الشعوب المسلمة ضحيته كما يتطلب هذا الخطر صرامة ومزيدا من مواقف التصدي لهذا النظام.
والنقطة الأهم الأخرى هي كشف النقاب عن التطرف تحت يافطة الإسلام. ولا يمت للإسلام بأي صلة ما يطرحه داعش وإعلانه عن الخلافة في كل من العراق وسوريا ولا ولاية الفقيه في إيران ولا قطع الرؤوس على أيدي داعش وتصليب أبناء السنة على أيدي النظام الإيراني في العراق ولا الاعتداء برش الحامض على وجوه النساء في إيران. ويحكم نظير تلك «الخلافة» التي أعلنت عن وجودها منذ أشهر وذلك تحت يافطة الإسلام، في وطني منذ أكثر من ثلاثين عاما بطريقة أخرى.
والإسلام دين النبي محمد (ص) ودين التوحيد والرحمة والعدالة والمساواة؛ دين الحرية والتسامح والصفح و«شاورهم في الأمر».
لا يوجد أي خلاف ومواجهة بين الشيعة والسنة وإنما المواجهة هي بين قراءتين متعارضين ومتناقضين من الإسلام.
وما يجب علينا أن نوضحه هو أن موقفين متعارضين ومتناقضين اصطفا في وجه بعضهما البعض؛ يروج أحدهما القساوة والحقد والقتل والتشدد والفرض والقهر والجريمة، وفي المقابل يعتبر الآخر الإسلام دين الحرية والرحمة والتسامح.
وإننا نعتقد أن الإسلام دين الحرية والاختيار ولا يتم ترويج الإيمان بالإسلام عبر القوة اطلاقا. وتعد الميزة الرئيسية للإنسان حريته بتصريح من القرآن. إذن فإن أبناء البشر مهما كانت أصولهم ونسبهم خلقوا أحرار وسواسية. سلب الحرية وسلب المساواة من أبناء البشر يخالف قوانين الخلق و الاسلام الحقيقي بأي ذريعة كانت. كما أن الأحكام القاضية بمقارعة النساء تناقض القيم الإسلامية.
ولايمكن سلب الحرية والنفس والأمن والاعتبار من أي شخص. ولا يمكن إنزال العقاب على أحد وإن كان العقاب وفقا لمحكمة عادلة قائمة على المعايير الدولية. كما نحن نؤكد على احترام المواثيق الدولية خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونحترم مبدأ فصل الدين عن الدولة.
نحن نعتبر أبناء الطوائف المختلفة _سواء كانوا مسيحيين أو يهود أو من مذاهب مختلفة في الإسلام أو الآخرين_ سواسية من حيث الحقوق والحريات. من حق أي فرد أن يعتنق بدين أو عقيدة يختارهما ذاته أو يكف عنه.
كما تعد الأحكام الإجرامية للخميني وشريعة الملالي والتي اتخذت أشكالا قانونية ورسمية لها وخاصة العقوبات الغير إنسانية علامة تدل على ما يستنتجه زاعمون ممن يبحثون عن مصالح أنظمتهم الإستبدادية فقط.
وبناء على هذا الفقه والقانون اعتدى عملاء النظام قبل شهرين على النساء الإيرانيات برش الحامض على وجوههن. كما اعتدوا هذه الأيام على عدد من الطالبات بالطعن في الشوارع. وأعدموا منذ وصول روحاني إلى السلطة ألف شخص. ونحن نرفض شريعة الملالي هذه.
وكما قال مسعود رجوي قائد المقاومة:
«الفقاهة… ترافقها العدالة بمعنى رسم الحدود في وجه الظلمة. وهو ما يفتقر إليه الملالي السائرون على نهج الخميني اطلاقا كونهم يمثلون مصاديق للظلم والجور».
وطبقا لما صرحه القرآن وكلام النبي (ص) وكلام علي بن أبي طالب (ع) فلا بد للمسلمين أن يطبقوا هذه الرسالة مع تطورات العصر وذلك بناء على العقل والمنطق والاجتهاد المستمر والدائم، لأننا مؤمنون بديناميكية القرآن.
إن الإسلام يطالب بتقدم المجتمع البشري وتطوير العلاقات بين أبناء البشر، وأخيرا يعد الوقوف في وجه نظام ولاية الفقيه وأي سلطة جبارة ترفض التعهدات الاجتماعية وتبذر البلاد والأجيال حقا وواجبا معترفا به في الإسلام. وتعد حركة تؤمن بإسلام متسامح وديمقراطي كالبديل والنقيض لهذا النظام والتطرف الناجم عنه حيث يتجسد في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وروادها في مخيم ليبرتي. إنهم دفعوا ثمن الحرية بدفاعهم عن الملامح الحقيقية للإسلام فلذلك ينوي النظام الإيراني تصفيتهم مهما كان ثمنها وذلك عبر ارتكابه مجازر وفرضه حصارا غير إنساني وسيما الحصار الطبي.
أخواتي والإخوة الكرام؛
اسمحوا لي أن أختم كلامي بالتأكيد على بضع نقاط:
يحتاج العالم اليوم إلى جبهة متحدة من المسلمين الديمقراطيين والمعادين للتطرف والتشدد. ومن الطبيعي أن تكون خلافات حول قضايا بين الشخصيات والنزعات في هذه الجبهة. ولكن المهم هو وحدة الكلمة بشأن موضوعين أساسيين وهما:
الموضوع الأول هو نفي التطرف تحت يافطة الإسلام ومصدره السياسي والعقائدي الرئيسي أي الاستبداد الديني الحاكم في إيران. والآخر هو دعم البديل لهذا النظام. يعني حل فكري وبديل قائم على الإسلام الديمقراطي يتمثل في مجاهدي ليبرتي ولذلك من الضروري الدفاع عنهم ورفع الحصار الغير إنساني والحصار الطبي على وجه التحديد عن هذا المخيم.
وأنا أعتقد أن هذه الجبهة لها قابلية وقدرات كبيرة جدا كونها تلبي ما يكون العالم في أمس الحاجة إليه وهي تمثل أصوات الأغلبية الساحقة للمسلمين وأبناء الإسلام الحقيقي. كما تلاحظون الآن كيف يواجه المجتمع الفرنسي والمنتخبون للشعب الفرنسي والبرلمان والحكومة الفرنسية لهذه الظاهرة المشئومة تحت يافطة الإسلام ويبحثون عن حل من هنا وهناك. لا بد أن من نجد الطريقة الصحيحة معا.
وتعتبر لجنتكم خطوة هامة في مسار هذه الجبهة حيث من شأنها أن تؤثر على مجتمع المسلمين والرأي العام والصحافة ووسائل الإعلام والبرلمان وترشد الحكومة الى اتخاذ سياسة صحيحة.
¬وأتمنى لجميعكم الموفقيه في هذا الدرب ويسعدني أن نتمكن من تبادل الآراء في هذا الشأن.
وشكرا.