خطاب مريم رجوي في حفل لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وللتضامن مع الشعبين السوري والعراقي
مريم رجوي تدعو دول المنطقة الى التضامن والتحالف بوجه نظام الملالي
بسم الله الرحمن الرحيم
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
أخواتي إخواني،
لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أتقدم بالتهاني إليكم جميعا وإلى جميع المسلمين، خاصة في بلدان الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، وإلى مواطنيي الأعزاء في إيران وإلى مجاهدي سبيل الحرية في سجن ليبرتي.
شهررمضان شهر نزول القرآن، شهر الهداية والتقوى، شهر الفرقان ورسم الحدود مع عهود الجاهلية والرجعية، والتأكيد على القيم الإنسانية الخاصة أمام جميع الأشياء التي يريد الشيطان المعادي للإنسان وقوى الظلام والشرّ أن يفرضوها على مصير الإنسان.
بهذه المناسبة أستميح منكم أن نعلن شهررمضان من هذا العام شهر التضامن مع شعوب العراق وسوريا وإيران أي الشعوب التي انتفضت من أجل التحرر من مخالب الحكومات الجبّارة الدموية، وكذلك للشعبين الفلسطيني واللبناني اللذين باتا ضحايا سيوف الخيانة والغدر لنظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران.
وهناك كثير من الأشياء لم تشرح بعد عن المصائب التي حلّت بشعوب المنطقة خاصة خلال السنوات الأخيرة. مع ذلك يجب علينا أن لاننظر إلى ما يدور اليوم في منطقتنا من منظار الآلام والمعاناة؛ حيث أن هناك حقيقة كبرى في طور التكوين.
الملالي الحاكمين في إيران استفادوا من ثلاث حروب كبيرة في المنطقة في العراق وافغانستان والثمار المجانية التي أتت بها لهم هذه الحروب خلال ربع قرن، وقاموا بتوسيع رقعة سيطرتهم المشؤومة في المنطقة وتوسيع التطرف الديني وتصدير الإرهاب، لكن في الوقت الحالي وبعد ثلاث سنوات ونصف السنة بعد انطلاقة الربيع العربي وثورة الشعب السوري وانتفاضة الشعب العراقي، فإنهم دخلوا مساراً عكسياً يحمل لهم هزائم كبيرة اقليمية هزّت كيانهم.
إن الحركة الجبارة عديمة المثيل التي عمّت جميع أنحاء المنطقة منذ نهاية عام 2010 كان شعارها ومطلبها الحرية والديمقراطية. الشعار الذي كان في جوهره ضد الديكتاتورية وضد التطرف الديني النابع من نظام ولاية الفقيه في إيران. لكن الملالي الحاكمين في إيران حاولوا من خلال تعزيز الرغبات الرجعية وتحت العنوان البرّاق «الصحوة الإسلامية» أن يأخذوا من الثورة والديمقراطية رهينة لهم في هذه البلدان وأن يحوّلوها الى التطرف الديي وإلى الإرهاب والتشدد. إنهم كانوا بصدد أن يفعلوا بالربيع العربي ما فعلوه بالثورة الإيرانية قبل 35عاماَ. لكن التطورات في تونس ومصر وليبيا أثبتت أن يقظة شعوب المنطقة أعلى من أن تسمح تكرار تجربة الثورة الإيرانية المسروقة. لأن هؤلاء الشعوب انتفضوا في وجه الرجعية الدينية والتطرف.
ومع أن الملالي الحاكمين في إيران والمؤتلفين معهم، أي هلال التطرف والرجعية في المنطقة، لم يتراجعوا بعد من حبك المؤمرات، لكن ظاهرة التطرف والرجعية قد منيتا بهزائم شديدة من جبهة الديمقراطية في شمال أفريقيا.
أبناء الشعب المصري بانتفاضته في 30 حزيران من العام الماضي، حالوا دون وقوع أهم بلد عربي وأحد البلدان الإسلامية الرئيسية في مسار يحبذه نظام ولاية الفقيه في إيران.
وفي سوريا والعراق دخل خامنئي ونظامه القضية من باب آخر، وحيث أن سقوط الدكتاتورية في هذين البلدين يقلّب المعادلة بشكل حاسم ضد النظام الإيراني، فإن النظام من خلال تدخله الشامل على مختلف الأصعدة العسكرية والاستخباراتية والإرهابية وبذل جهوده المتواصلة يحاول الحؤول دون تحقيق الديمقراطية.
ففي سوريا بلغ خامنئي والأسد في الشقاء والقسوة إلى أعلي حدّ متصور: مائتا ألف شهيد و11 مليون مشرّد، أي ما يقارب نصف سكّان البلد. لكن في المقابل فإن الشعب السوري وجيش الحرية دخلوا معارك حاسمة وقدّموا أعلى مستويات المعنويات والمثابرة والشجاعة. ومع أن نظام ولاية الفقيه قد ضاعف من ألام ومعاناة الشعب السوري لكنه في سوريا وقع في الفخّ. لايجد طريقاً للتقدم ولا طريق له للتراجع… فليس أمامه سوى المآزق المهدّمة ولايلوح له في الأفق منظور سوى فشل ذريع.
وفي العراق هناك ربيع عربي متجدد متطوّر هذه الأيام. لأن العراق كان منذ البداية أهم منصة الملالي لتوسيع تطرفه وإرهابه. وكان هذا الدافع وراء نظام الملالي في حربه اللاوطنية لمدة ثماني سنوات.
وبعد عام 2003 قدمت أميركا العراق إلى النظام الإيراني في طبق من ذهب. وفي ديسمبر من عام 2005 وصل الأمر حداً صرّح فيه بورمحمدي وزير العدل الحالي في حكومة روحاني والذي كان آنذاك وزير الداخلية في حكومة أحمدي نجاد وكان فرحاً ومرحاً من عمليات التزوير الواسعة في الانتخابات صرّح قائلاً: شعاراتنا تخرج «من صناديق الإقتراع في بغداد والمحافظات العراقية»! واعتبر ذلك «شهادة حقة» على كلام خميني بأن «طريق القدس يعبر من كربلاء»!
وفي حزيران 2006 فإن أكثر من خمسة ملايين ومائتي ألف من أبناء الشعب العراقي وقعوا على بيان بشأن تهديدات النظام الإيراني وضرورة قطع أذرع هذا النظام في العراق
– قالوا فيه« ضاق الشعب العراقي ذرعًا بتدخلات هذا النظام والحرب المبطنة والاحتلال غير المعلن اللذين فرضهما النظام الإيراني»
– وقالوا«إن النظام الإيراني قد اخترق الوزارات والأجهزة الأمنية والمؤسسات الخدمية في العراق بشكل غريب. إن حكام إيران ينوون الهيمنة على هذه المنطقة من العالم وفي هذا الإطار اتخذوا من العراق مصيدة وجبهة أمامية لحربهم مع المجتمع الدولي. إنهم يعملون على إسكات صوت المعركة في العراق بين الديمقراطية والديكتاتورية قبل أن تصل إلى داخل إيران.»
– قالوا هزّ العالم« تفجير مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام وإثر ذلك الهجوم المخطط والمدروس على المساجد وقتل خطبائها وأئمتها والمصلين والمجازر الجماعية البشعة واغتيال الشخصيات الوطنية والنخب في المجتمع العراقي بالإضافة إلى عمليات الخطف وحملات الاعتقال العشوائية المستمرة».
– وتساءل أبناء الشعب العراقي « هل السلاح النووي الذي سيعتبر في حال حصول حكام إيران عليه ضمانًا إستراتيجيًا لبقاء نظامهم سيكون في الوقت نفسه رصيدًا وسندًا لفصل «إقليم الجنوب» العراقي الغني بالنفط؟»
إن القمع المتزايد في العراق تحوّل إلى شحنة غضب عارم بدأ يتفجّر منذ انتفاضات شباط 2011 وتستمر فورته حتى الآن.
ومنذ تحرير مدينة الموصل في العاشر من حزيران، لم يخرج العالم بعد من صدمة تلاشي جيش جرّار بأجهزته المتقدمة الأميريكية وانهيار الأجهزة الأمنية التابعة للمالكي بشكل صاعق. الأجهزة التي كانت تحظى بدعم ومساندة شاملين من «فيلق قم» الذي أسماه الملالي بدجل «فيلق القدس».
قبل أسبوع قرأت مقالاً في صحيفة ساندي تلغراف البريطانية جاء فيه أن المسؤولين الغربيين ذُهلوا وتحدقّوا عاجزين في الإنهيار والإنفجار الأخيرين في العراق. واستذكر الكاتب أن في عام 2001 ألصق جاك استرو تهمة الإرهاب بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية بطلب من الملالي وجعلها محظورة وغير شرعية، في وقت لم تكن لديه أي شهادات تثبت الإرهاب، وإنه شوّه مقاومة عادلة حقة شرعية بشكل متعمّد حتى يكسب رضا وودّ الملالي. وكان كيان ولاية الفقيه وحكم الملالي المتفرّد بالسلطة في معرض تهديد من مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية.
والآن هذه السناريو تتكرر في العراق أيضاً: المالكي والملالي الذين يرون كيانهم معرّضاً للخطر يريدون أن يجعلوا فشلهم الكبير في العراق على حساب الإرهابيين المتطرفين، حتى يبرّروا بذلك تدخل قوات الحرس والجرائم ضد الأبرياء، وكذلك أن يتضرعوا إلى أمريكا ويقنعوها لتقوم بقصف الشعب والمناطق المحررة.
لكن كلما يمر الوقت كلما تصبح الحقيقة أكثر وضوحاً، بشكل نرى أن قادة الدول الغربية يؤكدون واحداً تلو الآخر على أخطاء المالكي واحتكاره للسلطة ونماذج من التزاماته والأعمال التي كان عليه أن يقوم بها ولكنه تخلى عنها متعمّداً، وكل واحد منهم يعترف بشكل أو بآخر أن الخطوة الأولى في اتجاه إصلاح الأمور والاستقرار والأمن هو تنحية المالكي من السلطة.
وقد اتضح آن ما يجري في العراق ليست الحرب بين الشيعة والسنة، بل هي حرب بين الشعب العراق من جهة والمالكي والنظام الإيراني من جهة أخرى. وأعلن قادة الإنتفاضة إنهم لاينوون احتلال بغداد بل يريدون تغيير المالكي وقطع أذرع النظام الإيراني.
وفي بيان مكوّن من 12 بندا في الثاني عشر من حزيران أصدرت هيئة علماء المسلمين بقيادة الدكتور الشيخ حارث الضاري خطاباً للمقاتلين جاء فيه: «نظم العراقيون تظاهرات سلمية في 25/2/2011 في 16 محافظة من أصل 18، قمعها المالكي بعد أشهر بقوة الحديد والنار بتواطؤ من المجتمع الدولي، ثم قامت التظاهرات مرة أخرى في ست محافظات، وعقد العراقيون اعتصامات لأكثر من سنة، وقدموا طلبات مشروعة، فعاملهم المالكي بالحديد والنار، وهاجم سوحهم السلمية، بالدبابات والأسلحة الفتاكة، وترك المئات منهم بين قتلى وجرحى، فلم يكن أمام العراقيين سوى الرد بالأسلوب نفسه»
وأعلنت هيئة علماء المسلمين «إننا أبناء بلد واحد، ونسعى جميعا إلى رفع الظلم عن كل العراقيين من دون استثناء لأي شريحة من شرائح المجتمع، ونسعى قبل ذلك وبعده إلى نصرة الدين وإحقاق الحق وإبطال الباطل، ولكننا لا نميّز بين شخص وآخر، ومذهب وآخر؛ لأن الجميع شركاء في هذه الأرض، ويرتبطون في التالي بمصير واحد….التعامل مع الأقليات بالحسنى سياسة شرعية… فلنحرص على الأقليات، ولنحرص على ما لديهم من عبادات، وعدم المساس بمعتقداتهم… وليكن الشعار المرفوع الواضح لثوارنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، في فتح مكة، وهو العفو والتسامح»
وأكد الشيخ علي حاتم امير عشائر الدليم أن«هناك علاقة بين داعش والأجهزة الحكومية. داعش صنيعة إيران وحكومة المالكي تريد أن تجعل منها ذريعة لمحاربه الإرهاب. إننا تبرأنا من داش أمام الله وأمام شعوب العالم… الهدف الأساسي هو إزالة استبداد المالكي..»
والمتحدث باسم المجلس العسكري للثوار أعلن عدة مرات« هذه الثورة ليست ثورة داعش بل هي ثورة العشائر الذين انتفضوا ضد الظلم… هذه الثورة هي ربيع عربي جديد للعراق لإنهاء الظلم ولاعلاقة لها بالإرهاب.»
أخواتي إخواني
قبل سبع سنوات كان زعيم المقاومة الإيرانية مسعود رجوي قد صرّح في رسالة موجهة إلى «مؤتمر التضامن من أجل السلام والحرية» في العراق جاء فيه:« القضية هي التناقض والصراع الدائر بين بديلين رئيسين على أرض العراق وفي هذه الظروف الخاصة وهما: بديل الملالي الحاكمين في ايران مقابل البديل العراقي. أي البديل المقدم من قبل النظام الفاشي القائم على مبدأ ولاية الفقيه بجميع شبكاته وعملائه ومسانديه بوجه البديل الديمقراطي العراقي المناهض للفاشية وبجانبه كل التيارات والفئات والاحزاب والشخصيات الديمقراطية والوطنية ومساندوهم على الصعيدين العربي والدولي.»
وأكد: «إن الحل الحقيقي أمام الرجعية والتطرف والديكتاتورية والفاشية المغطاة بالاسلام يكمن في الاسلام المتسامح الديمقراطي. وتعتبر منظمة مجاهدي خلق هو النقيض العقائدي والسياسي للنظام وأكثر العوامل الاجتماعية فاعلية أمام حكم ولاية الفقيه ».
نعم في جميع البلدان الإسلامية، جميع البلدان الإسلامية من مصر إلى العراق وأفغانستان فإن الحل هوالإسلام الحقيقي، الإسلام المحمدي، اسلام متسامح ديمقراطي لا إكراه فيه كما يقول القرآن الكريم.
بهذا المؤشر وبهذا الإسلام يمكننا أن نفهم وندرك جيدا بأن المشكلة في العراق وفي أي مكان آخر من هذه المنطقة ليست سوى شرور وفساد نظام ولاية الفقيه.
وهذا هو نظام الملالي الحاكمين في إيران منذ 35 عاماً الذي كان دائما وراء إثارة الحروب الطائفية والدينية في هذه المنطقة ويعتدون على الدول الأخرى. واسمحوا لي أن أؤكد مرة أخرى أن اول خطوة وأهم خطوة لإنهاء هذه الحالة هو اسقاط نظام الملالي وإقرار نظام شعبي ديمقراطي في ايران. وإيران المستقبل ستكون مبشّرة للصداقة والأخوة والسلام في المنطقة. إن مصالح الشعب الإيراني تكمن في التضامن والتأخي مع الجيران والأخوة المسلمين والعرب، ولاشك أن في ايران الغد نحن نستطيع التغلب على جميع المشاكل المتبقية من السابق وأن نحلّ جميع الخلافات من خلال المفاوضات والركون على مبدأ الأخوة. نحن نستطيع أن نعيش في منطقة خالية من النزاعات والخلافات وبالنتيجة منطقة قوية ومتقدمة.
وقد اقترحت قبل عام في هذا المكان تأسيس جبهة موحّدة ضد محور التطرف الديني الذي يقوده النظام الإيراني والحكومة التابعة له في العراق والنظام بسوريا، وهذه الجبهة تعتبر الحل الوحيد لإبعاد الحروب الطائفية الدموية من المنطقة. وأنامسرورة أننا استطعنا أن نخطوا معاً خطوات ذات أهمية في هذا الإتجاه . وهذا يشير أننا وشعوبنا وجميع المسلمين بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تشكيل وتحكيم هذه الجبهة الموحّدة. وهذا هو هداية القرآن الكريم في هذا المجال: قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى
وفي الآيات التالية تأتي بشائر الحق والانتصار بقوله: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
نعم، أمام تصدير الإرهاب والتطرف والرجعية وأمام إسلام وثورة سرقت ولايـة الفقيه قيادتهما، لنا مصير مشترك ومصالح حيوية عقائدية وسياسية واجتماعية وتاريخية مع الشعب السوري والعراقي واللبناني والفلسطيني والبلدان الأخرى الأفريقية والآسيوية.
اسمحوا لي أن أقول هنا وفي هذا الموقف لجميع دول المنطقة أنه في الوقت الذي نري فيه أن حكام طهران أعدّوا العدّة لتوسيع رقعة حروبهم المشؤومة وهدم المنطقة كلها، فإن المماطلة والتريث يؤديان إلي آثار كارثية.
الوقت قد حان لطرد هذا النظام بشكل كامل وايقاف العلاقات السياسية والاقتصادية معه، وطرد عملائه والتابعين له من بلدانكم وإغلاق قواعده الاستخباراتية والإرهابية، كما أن الوقت قد حان أن تقوموا بتأييد ومساندة المجاهدين سكّان ليبرتي الذين بذلوا ثمناً باهظاً للنضال ضد العدوّ الرئيسي لجميع شعوب وبلدان المنطقة.
أسأل الله العلي القدير في هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، أن ينعم على شعوبنا بالبركة والرحمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- الوسوم:الإسلام الديمقراطي, العراق, اليمن, انتهاك حقوق الإنسان, سوريا