مريم رجوي: الدعوة إلى محاكمة قادة النظام على مجزرة عام 1988- كلمة في ندوة الجاليات الإيرانية في اوروبا
أيتها الشخصيات المحترمون
أيها الأصدقاء الكرام، أيها الأخوات والاخوة!
يسعدني جدا اللقاء بكم أنتم. اجتمعنا هنا لنعكس صوت المجتمع الإيراني الناقم للغاية.
حدثت في الاسابيع الاخيرة موجة اجتماعية قوية ضد نظام ولاية الفقيه تركز على مجزرة ثلاثين الف سجين سياسي في عام 1988. في الحقيقة الشعب الايراني جعل من هذا الحدث محور لاحتجاجاتهم علي نظام القتل والجريمة وكذلك محور مطالبهم لاقرار الحرية.
لنعود إلى تلك الأيام المرعبة:
بالضبط قبل 28 عاما، حيث خامنئي يعمل في منصب رئاسة الجمهورية ورفسنجاني يعمل كرئيس للبرلمان ونائب القائد العام للقوات المسلحة وروحاني يعمل كمساعد له، هناك عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في سجون أرجاء البلاد.
بعض منهم اعتقلوا عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 16و17 عاما والآن بعد مضي 7 سنين من الحبس أصبحوا شبابا في مقتبل العمر تتراوح أعمارهم بين 23 و24 عاما. بعض منهم انقضى حكمهم وهناك بعض آخر بقي من حكمهم عدة أشهر ليطلق سراحهم.
ولكن بدلا من الحرية يحوم شبح شيطاني فوق كل السجون. لجان مكلفة من خميني تطرح على السجناء واحدا واحدا عدة أسئلة والسؤال المحوري هوهل مازلت متعاطفا مع مجاهدي خلق أم لا؟
وخلال عدة أسابيع تتحول السجون إلى مشاهد لأعمال شنق جماعية.
وفي دهاليز الموت بعض السجناء شدوا الرحال نحو مصائرهم وهم يهتفون بمل فمهم التحية لمسعود رجوي والبعض الآخر يترنمون نشيد الحرية.
كم عددهم؟ في الأيام الأولى عدة آلاف، وفي الأسابيع التالية زادت من عدة آلاف وبعد عدة أشهر 30 ألف سجين. إن صمودهم يمثل نبراسا مضيئا على مر تاريخ إيران ولايقبل تقادم الزمن.
هنا سجن أراك. رئيس السجن يقول للسجناء: «لا تظنوا أنكم ستبقون أحياء حتى يأتي الشعب لاستقبالكم بباقات الزهور». ويرده «قاسم بستاكي» وهو من أبطال المصارعة الرومانية قائلا «عندما يأتي أبناء الشعب بباقات الزهور، نحن مستعدون أن يرونا ضمن الشهداء».
هنا سجن ايفين. منيرة رجوي 38 عاما مع طفلين صغيرين في السجن. بعد قضاء 6 أعوام من الأسر ونهاية حكمها، يعدومونها بدلا من إطلاق سراحها بجريرة كونها شقيقة مسعود قائد المقاومة.
وهنا دهاليز الموت في سجن ايفين. ومن المجموعة التي تضم 60 شخصا هناك محمود حسني طالب جامعي في فرع الاقتصاد في جامعة طهران يخطو خطوات وهو يترنم الشعر الذي أنشده:
عندما ترى في الليل
شهابا لامعا في السماء
لا تنسى
شرارات لاهبة
خمدت في ليال (سجن) ايفين الباردة
إلى أن يطلع في الفجر نجم
المحطة الأخرى هي أحد عنابر سجن الأهواز. هناك اثنان من الملالي بأسماء جزايري وعبداللهي يصرخان :عليكم أن تتخذوا موقفا، في جانب يقف خميني وفي الجانب الآخر مسعود رجوي. ما موقفكم أنتم منهما. ومن نهاية العنبر تصرخ فتاة: عاش مسعود والموت لخميني. انها سكينة دلفي. طالبة 26 عاما من مواليد آبادان. وبسماع صرختها، تنهال عليها عناصر الحرس بالضرب المبرح وتصيبها بجروح غير أن محاولاتهم لا تجدي نفعا كون كل العنبر بدأ يصرخ. ويتم شنق 349 سجينا من هذا العنبر الذي كان عدده 350 سجينا.
وأما في العنبر 9 في سجن جوهردشت. وفي ممر الموت يسألون أحدهم أين هنا؟ يرد بصوت قوي: هنا آخر الخط واني اتخذت قراري. انه «مهران بي غم» 25 عاما.
وهنا نصل إلى التلال القريبة من بحيرة اروميه. نقلوا أعدادا كبيرة من السجناء السياسيين إلى هنا. عناصر الحرس يعتدون عليهم بالضرب المبرح بالعصي والقضبان الحديدية بهدف قتلهم. صرخاتهم جرت القرويين إلى هنا. أحد السجناء هو «بهمن شاكري» الذي حبس عامين اضافيين على حكمه وهو قضى 7 سنوات في الحبس.
وهنا قاعة 19 من العنبر الثالث في سجن جوهردشت. السجان غاضب على اللوحة على الجدار. رسام هذه اللوحة سرعان ما يوضع في رتل المعدومين. إنه يدعى «أكبر لطيف».
والآن نقف أمام سجن مدينة مسجد سليمان. هناك طفلة 4 أعوام تدعى «طنين» وبيدها باقة وردة «بابونج» تنتظر زيارة أبيها. الا أن السجان يأتي بمصحف وبدلة ويقول لها خذيها هذه هي تعود إلى «بابا» وهذا السجين البطل هو «شاهرخ نامداري».
وهنا سجن جوهردشت. هناك سجينة ترسل عبر دقات المورس (الشفرة) رسالة: «يا جماعة، منحوا لي فرصة 20 دقيقة لكتابة وصيتي. هنا بدأوا يعدمون الكل. بلغوا سلامي إلى مجاهدي خلق». انها زهراء خسروي.
وهنا غرفة التعذيب. تتساقط ضربات الجلدات على الجسم ولكنه لا يسمع أي صوت من السجينة. يلتمس الجلاد منها إننا لا نريد منك معلومات، اصرخي فقط. إلا أن السجينة ظلت ساكتة. وسرعان ما تؤخذ السجينة إلى طابور الإعدام. انها «آزاده طبيب» فتاة شابة بوجه مبتسم وصبورة هزمت المعذبين مرات عديدة شر هزيمة.
بعد مضي 28 عاما حيث انكشف الأمر عن حوار دار بين كبار الجلادين للنظام مع السيد منتظري، قال أحدهم انه قد فقد توازنه وصوابه جراء مقاومة الفتيات المجاهدات.
والآن وفي تلك الممرات المضرجة بدماء المجاهدين، يتقاطر المجاهدون وهم يعبرون واحدا تلو آخر: واحدة منهم «أشرف احمدي» السجينة السياسية في عهد الشاه والسجينة الآخرى «فاطمة زارعي» مرشحة الانتخابات النيابية عن شيراز وثلاثة آخرين من أسرة واحدة: حسين ومصطفى ومعصومة ميرزايي.
وفي ذلك الوقت كان خميني قد امر«السجناء المتمسكين بمواقفهم في سجون البلاد، محاربين محكوم عليهم بالاعدام»
وكان شغلهم الشاغل لخميني والمتعاونين معه اجتثاث المقاومة من أجل الحرية اجتثاثا تاما. لذلك لم تكن فعلتهم فقط إبادة واسعة للسجناء المجاهدين والمناضلين وانما إنكار هذه الواقعة العظيمة والتستر على تفاصيلها بحيث مازالوا وهم مصرون على عدم الكشف عن اعلان علامة لقبور الشهداء. مقبرة «خاوران» التي تم الكشف عنها بجهود عوائل الشهداء، هي تمثل اليوم أكبر أيقونة للشهداء والمضحين على درب الحرية. ومن هنا أوجه آلاف التحية لهذه التربة الطاهرة المضرجة بدماء القلب والمعاناة.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
ان نشر التسجيل الصوتي لكلمات السيد منتظري عمل كشرارة أشعلت مواجهة بين الشعب الإيراني وبين الحكومة الدموية وغير المشروعة الحالية. انها مواجهة على كل ما تم إرساء حجر الأساس له في مجازر 1988.
وبالنتيجة:
-انطلقت موجة في المجتمع الإيراني، موجة من الغضب والاحتجاج والتساؤل وحركة عارمة لمقاضاة المجرمين.
-تفتحت شرخات وتصدعات عديدة داخل النظام.
برلمان النظام انشغل في توتر بهذه المسألة إلى حد، تم إعلان تعطيله على غير عادة.
-وبات حكم خميني بشأن الإبادة الجماعية موضع تشكيك من قبل رجال الدين وطلاب الحوزة ورفض جل كبار الملالي للنظام الدفاع عن الحكم.
وعلى هذا الأساس نحن نقول للنظام الحاكم: ألا تصفون خميني السفاح والجزار بألقاب «الإمام» و«القديس» اذن لماذا تتملصون من نشر فتواه في وسائل الاعلام التابعة لكم؟ قوموا على الأقل ببث حكم خميني المكتوب بخط يده بشأن مجزرة المجاهدين في تلفزيونكم الرسمي. وانشروا محاضر الجلسات لمحاكمة المعدومين. واكشفوا عن أعضاء اللجان الذين أقاموا هذه المحاكمات في كل المحافظات الإيرانية.
سلموا أوراق وصية المعدومين إلى عوائلهم. وأعلنوا عن قائمة كاملة لأسمائهم واكشفوا عن علامات قبورهم التي أبقيتموها طي الكتمان لحد الآن.
ونقول للزمر الداخلية للنظام، ولمن يدعي الإصلاحية في حكم ولاية الفقيه إذا كان إطلاق السب والشتم ضد مجاهدي خلق يصون أمنكم وحياتكم فلا بأس لاتبخلوا عن ذلك. ولكن نددوا المجزرة عام 1988 وابتعدوا حتى لمرة واحدة عن هذه الجريمة الكبرى بعد كل هذا التعاون والشراكة في أعمال الفساد لهذا النظام.
وننوه رجال الدين في كل الحوزات، بأن لا تواصلوا الصمت أكثر من هذا بشأن مجزرة عام 1988 وألا تتملصوا عن المسؤولية التي تقع على عاتقكم.
ونقول للهيئات الدولية والحكومات الغربية:
الوقوف بوجه انتهاك حقوق الانسان في إيران هو من مسؤوليات الحكومات الغربية أيضا. ولا يخص إيران فقط. لأن التطرف والارهاب النابع عن هذا النظام يستهدف المواطنين العزل في نيس أو باريس أو بروكسل أيضا. اشترطوا علاقاتكم مع هذا النظام بوقف الإعدامات. وقدموا خامنئي والمتعاونين معه إلى محكمة دولية لارتكابهم جريمة ضد الانسانية لاسيما في عام 1988 واحترموا مقاومة الشعب الإيراني من أجل تغيير هذا النظام.
وأخيرا أدعو جميع أبناء وطني إلى المناصرة والتضامن من أجل توسيع نطاق حملة المقاضاة. مقاضاة المسؤولين عن جريمة قتل الشهداء تشكل حلقة من حملة إسقاط النظام ويجب أن تتوسع حتى المحطة الأخيرة.
وخلال هذه الأسابيع القليلة الماضية، كشفت هذه الحملة داخل إيران عن هوية عدد من أعضاء لجان الموت وعثرت على وثائق وصور منها أسماء عدد من المعدومين في المجزرة.
يجب أن نفرض علي الملالى حالة لا يتجرأوا معها تكرار مثل هذه الجرايم. تم اعدام 100 سجين خلال الشهرالفائت. منها اعدام جماعلي لـ 25 سجين سياسي من اهل السنة من ابناء كردستان، وبعد ذلك اعدام ثلاثة من مواطنينا العرب في خوزستان. هذه المجازر يجب ان تتوقف ويجب اسقاط نظام المجازر.
أطالب الشعب الإيراني الحر والآشرفيين ومناصري أشرف أينما كانوا في إيران وفي العالم بتوسيع نطاق مقاضاة المتورطين في جريمة المجزرة ومواصلة الإصرار على هذه المطالبة العادلة إلى درجة تصبون كأس سم حقوق الانسان في بلعوم ولاية الفقيه.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
في الأزمة الأخيرة، ما حصل هو ليس فقط الكشف عن اعترافات الجلادين بمجزرة السجناء وانما الواقعة الأصلية هي موت خميني من جديد أي زوال الروح الحاكمة في هذا النظام من جهة وازدهار المقاومة الايرانية من جهة أخرى.
وهذه الحقيقة أكدها خامنئي بوضوح حيث قال «محبو مجاهدي خلق داخل البلاد يريدون تنزيههم ويظهرون وجههم بريئا ومظلوما وفي المقابل يشوهون وجه الإمام».
وأما مجلس خبراء النظام وهو أعلى مؤسسة في حكوم ولاية الفقيه فقد أعلن في بيانه الرسمي إنهم ينوون «زعزعة النظام الإسلامي ومبدأ ولاية الفقيه ومكانة القيادة الرفيعة… بين الناس من جهة وتنزيه تيار (مجاهدي خلق) بإظهارهم مظلومين».
وفي عام 1989 كتب خميني في حكمه بشأن أهم سبب لعزل السيد منتظري يقول: «وبما أنك ستسلم إيران من بعدي إلى الليبراليين ومن خلالهم إلى المنافقين فإنك قد فقدت الأهلية والشرعية لقيادة مستقبل النظام».
وبعد ذلك كرروا آلاف المرة الإدعاء بزوال المجاهدين و المقاومة الإيرانية. إلا أنهم عجزوا أمام صمود المجاهدين على طول 14 عاما في أشرف وليبرتي.
وقبل يومين كانت الذكرى السنوية الثالثة للاعدام الجماعي الذي طال 52 مجاهدا في أشرف. انه كان هجوما نفذ بأمر من خامنئي احتجز خلاله 7 أشخاص بينهم 6 نساء كرهائن لم يتم العثور على أثر منهم لحد اليوم.
أن هذه المجزرة كانت تشكل حلقة من خطة واسعة للملالي للقضاء على مجاهدي خلق، الا أنها باءت بالفشل وعادت مكانة مجاهدي خلق داخل ايران مرة أخرى لتبقى بمثابة الموضوع الرئيسي الداعي لقلق ومخاوف قادة النظام.
أيها المواطنون الأعزاء،
بعد 28 عاما بعد مجزرة السجناء السياسيين، انطلق حراك لمقاضاة المسؤولين عن المجزرة وأن موجة الاحترام والإشادة العامة بهم إن دل على شيء إنما يدل على حقيقة أساسية:
حقيقة أن دمائهم الزكية مازالت في غليان ولم تهدر قطرة منها.
حقيقة أن ذرة من صمود وعذاب مجاهدي درب الحرية لم تكن عبثا.
وحقيقة أن ما تم فضحه هو سيل الأكاذيب التي أطلقها الملالي والمتعاونون معهم لإظهار عدم جدوى المقاومة والتفاني من أجل الحرية. وما تحوّل إلى سخرية التاريخ هو الكم الهائل من أباطيل اولئك الذين إما تستروا على المجزرة أو أرادوا تبرير ذلك وإضفاء طابع الشرعية عليها أو إلقاء اللوم على المجاهدين أنفسهم، ظانين أن صيحة المجاهدين والمناضلين على درب الحرية في جملونات وقاعات الإعدام لاتصل إلى أسماع أحد. وكانوا يظنون أن تلك الانسانية والشرف المتعالي في غرف التعذيب والزنزانات الانفرادية ستـُدفن.
ولكن من عمق دهاليز التعذيب ومن ظلمات قاعات الإعدام ومن حاويات حمل الجثث ومن المقابر المدفونة تحت الاسمنت والجبس عادت شمس الحق لتشرق. كون الصمود والتضحية من أجل الحرية شيء لا يُفنى ولا يمكن إنكاره.
وها هي تلك المعاناة والنضالات بدأت تغلق الطرق على النظام الحاكم وتفتح الطريق للحرية. وتلك الوقفات المتحدية اليوم تكللت في الذكرى الحادية والخمسين من تأسيس منظمة مجاهدي خلق بالنجاح في تعزيز ونهوض حركة المقاومة وراحت تؤسس غدا جمهورية قائمة على الحرية والمساواة. جمهورية قائمة على فصل الدين عن الدولة والمساواة بين المرأة والرجل وتكافؤ الحقوق للطوائف والحكم الذاتي لهم في إطار وحدة أراضي البلاد والسيادة الوطنية بالإضافة إلى إلغاء حكم الإعدام.
التاريخ دوما يرينا عظمة اولئك النساء والرجال الذين بنوا صَرحه ويدلنا على أن هؤلاء الثلاثين ألفا هم صُناع التاريخ في إيران نحو الحرية.
تحية للحرية
تحية للشهداء
تحية للشعب الايراني
- الوسوم:انتهاك حقوق الإنسان